الحديث الخامس والتسعون والمائة
[الحمد للَّه الّذي لم يجعلني من السواد المخترم]
۰.ما رويناه عن الصدوق في الفقيه ، قال : كان عليّ بن الحسين عليه السلام إذا رأى جنازة قال : « الحمد للَّه الذي لم يجعلني من السواد المخترم »۱ .
بيان
لا ينافي هذا ما ورد من الحثّ على حبّ لقاء اللَّه والنهي عن كراهة لقائه ؛ إذ يمكن أن يراد بالسواد المخترم ، الشخص الهالك بالمذهب الباطل كما كان في زمانه عليه السلام ، فإنّ أكثرهم كانوا كفّاراً سبّابين لأشرف الخلائق بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ، وكان هذا الكلام تعليماً للأصحاب بأن يشكروا اللَّه أنّهم ليسوا من الهالكين الكافرين .
ويمكن أن يقال : إنّ الموت وإن كان مطلوباً للوصول إلى السعادة الدائمة ، ولكن العمر أيضاً جوهرة نفيسة يمكن أن يكتسب فيه الكمالات ويترقّى فيه إلى أعلى الدرجات ، فهو مطلوب أيضاً من هذه الحيثيّة لأجل إطاعة اللَّه وعباداته ، سيّما بالنسبة إلى المعصومين ومتابعتهم في الأقوال والأفعال والأحوال .
ويمكن أن يكون المراد بالسواد : عامّة الناس كما هو أحد معاني السواد في اللغة ، ويكون المراد : الحمد للَّه الذي لم يجعلني من عامّة الناس الذين يموتون على غير بصيرة ولا استعداد للموت .
ويمكن أن يكون المراد : الشكر على كونهم في بلاد المسلمين لا الكافرين ، فإنّ الغالب على من ولد في بلادهم الكفر إلّا من تفضّل اللَّه عليه بالهداية والمعرفة .
ويمكن أن يراد بالمخترم : من مات دون أربعين سنة .
ويمكن أن يراد بالسواد : الشخص ، وبالهالك : الميّت ، أي الحمد للَّه الذي لم يجعلني من هذا القبيل ، ويكون حبّ لقاء اللَّه مخصوصاً بحالة الاحتضار ، أو أنّ الحياة والموت محبوبان باعتبارين كما في الفصد وشرب المسهل۲ .