الحديث الثالث والتسعون والمائة
[أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربّهم . . .]
۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام ، والشيخ ، والصدوق ، عن معاوية بن وهب في الصحيح ، قال : سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربّهم وأحبّ ذلك إلى اللَّه عزّ وجلّ ما هو ؟ فقال : « ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ، ألا ترى أنّ العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام قال : « وَ أَوْصَنِى بِالصَّلَوةِ وَ الزَّكَوةِ مَا دُمْتُ حَيًّا » ؟ »۱ .۲
بيان
المراد بالمعرفة إمّا معرفة اللَّه وصفاته الجلاليّة والإكراميّة ، أو مع معرفة الرسول والأئمّة ، أو المعارف الخمس ، أو الأعمّ منها ومن العلوم الدينيّة والمعارف اليقينيّة .
وقال البهائيّ في الحبل المتين :
المراد بالمعرفة ما يتحقّق به الإيمان عندنا من المعارف الخمس ، وما قصده من أفضليّة الصلاة على غيرها من الأعمال وإن لم يدلّ عليه منطوق الكلام ، إلّا أنّ المفهوم منه بحسب العرف ذلك ، كما يفهم من قولنا : ليس بين أهل البلد أفضل من زيد ، أفضليّته عليهم وإن كان منطوقه نفي أفضليّتهم عليه ، وهو لا يمنع المساواة .
هذا وفي جعله عليه السلام قول عيسى : « وَ أَوْصَنِى بِالصَّلَوةِ وَ الزَّكَوةِ » مؤيّداً لأفضليّة الصلاة بعد المعرفة على غيرها من الأعمال نوع خفاء ، ولعلّ وجهه ما يستفاد من تقديمه عليه السلام ما هو من قبيل الاعتقادات في مفتتح كلامه ، ثمّ إردافه ذلك بالأعمال البدنيّة والماليّة وتصديره لها بالصلاة مقدّماً لها على الزكاة ، ولا يبعد أن يكون التأييد لمجرّد تفضيل الصلاة على غيرها من الأعمال من غير ملاحظة تفضيل المعرفة عليها ، ويؤيّده عدم إيراده عليه السلام صدر الآية في صدر التأييد ، والآية هكذا : « قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ ءَاتانِىَ الْكِتَبَ وَ جَعَلَنِى نَبِيًّا * وَ جَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَ أَوْصَنِى بِالصَّلَوةِ وَ الزَّكَوةِ مَا دُمْتُ حَيًّا »۳ .۴