213
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

الحديث التاسع والثمانون والمائة

[إنّ الأرض يطهّر بعضها بعضاً]

۰.ما رويناه عن جملة من المشائخ العظام والأجلّاء الكرام ، ومنهم : ثقة الإسلام في الكافي ، وشيخ الطائفة في التهذيب ، والمحقّق الحلّيّ في السرائر ، والمحدّث الحرّ العامليّ في الوسائل بأسانيد عديدة ومتون سديدة ، وفيها الصحيح ، عن الصادق عليه السلام قال : « إنّ الأرض يطهّرُ بعضها بعضاً »۱ .

بيان‏

يحتمل وجوه :
الأوّل : أن يكون المعنى : أنّ الأرض يطهّر بعضها - وهو المماسّ لأسفل النعل أو القدم أو الظاهر منها - بعض الأشياء ، وهو النعل والقدم .
الثاني : أن يكون المراد : أنّ أسفل القدم والنعل إذا تنجّس بملاقاة بعض الأرض النجسة يطهّر البعض الآخر الطاهر إذا مشى عليه ، فالمطهّر في الحقيقة ما ينجّس بالبعض الآخر وعلّقه بنفس البعض مجازاً .
الثالث : أن يكون المراد : أنّ النجاسة الحاصلة في‏نفس القدم وما هو بمعناه بملاقاة الأرض المتنجّسة على الوجه المؤثّر مطهّر بالمسح في محلّ آخر من الأرض فسمّي زوال الأثر الحاصل من الأرض تطهيراً لها كما تقول : الماء مطهّر للبول ، بمعنى أنّه مزيل للأثر الحاصل منه ، وعلى هذا يكون الحكم المستفاد من الحديث المذكور وما في معناه مختصّاً بالنجاسة المكتسبة من الأرض النجسة .
والوجهان الأوّلان للسيّد السند صاحب المدارك ، والثالث للمحقّق الحسن صاحب المعالم ، وهو قريب من الوجه الثاني .
ويمكن أن يكون إشارة إلى أنّه بمحض المسح على الأرض لا يذهب الأثر الحاصل من الأرض السابقة مطلقاً ، بل يبقى فيه بعض الأجزاء من الأرض المتنجّسة ، فتلك الأجزاء تطهّرها الأرض الطاهرة ، فلا ينافي عموم الحكم ؛ لورود تلك العبارة في مقامات اُخرى .
الرابع : ما قاله البهائيّ ، قال : لعلّ المراد بالأرض ما يشمل نفس الأرض وما عليها من القدم والنعل والخُف ، انتهى .
الخامس : ما قيل : أنّ الوجه في هذا التطهير انتقال النجاسة بالوطئ عليها من موضع إلى آخر مرّة بعد مرّة اُخرى حتّى تستحيل ، ولا يبقى منها شي‏ء۲ ، فيكون المستفاد منه تطهير الأرض الطاهرة الأرض النجسة ، ويكون تطهيرها باطن الخُف والنعل وأسفل القدم مستفاداً من دليل آخر ، واللَّه العالم .

1.الكافي ، ج ۳ ، ص ۳۸ ، باب الرجل يطأ على العذرة . . . ، ح ۲ ؛ السرائر ، ج ۳ ، ص ۵۵۵ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۳ ، ص ۴۵۷ - ۴۵۸ ، ح‏۴۱۶۶ و۴۱۶۷ . ولم نعثر عليه في التهذيب ولا في بقية كتب الشيخ الاُخرى .

2.بحار الأنوار ، ج ۷۷ ، ص ۱۵۸ - ۱۵۹ .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
212

تتمّة

يستفاد من الخبر اُمور اُخر ، وهي : استحباب التعريس ، واستحباب كون المؤذّن غير الإمام ، واستحباب تقديم الأذان على النافلة ، والمنع من النافلة بعد دخول وقت الفريضة ، ولزوم الجمع بين الأخبار ورفع التنافي عنها ، وحسن قبول العذر ممّن له عذر مرضي ، وجواز إظهار الأحكام عند المخالفين مع عدم التقيّة .

تنبيه‏

ربّما يتوهّم التنافي بين هذا الخبر وبين ما روي أنّه صلى اللَّه عليه وآله قال : «تنام عيني ولا ينام قلبي» .
ويمكن الجواب بوجوه :
الأوّل : حمل الأخير على غالب أحواله صلى اللَّه عليه وآله ، وفي تلك الحالة أنامه اللَّه تعالى نوماً كنوم سائر الناس للمصلحة .
الثاني : أنّه صلى اللَّه عليه وآله لم يكن مكلّفاً بهذا العلم كما أنّه لم يكن مكلّفاً بالعمل بما كان يعلمه من كفر المنافقين وعدم الظفر بالكافرين وأمثال ذلك .
الثالث : أن يقال لعلّه كان مكلّفاً في ذلك بترك الصلاة لبعض المصالح‏۱ .

1.بحار الأنوار ، ج ۸۴ ، ص ۲۶ - ۲۷ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10639
صفحه از 719
پرینت  ارسال به