211
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

بيان‏

قال العلّامة المجلسيّ :
«عرّس» بالتشديد ، أي نزل في آخر الليل للاستراحة ، وهذا المكان اشتهر بالمعرّس ، وهو بقرب المدينة ، و« يكلؤنا » بالهمزة ، أي : يحرسنا من العدو ، أو من فوت الصلاة ، أو الأعم ، ولفظة «ما» في «ما أرقدك» استفهاميّة ، وربّما يتوهّم كونها للتعجّب ، أي ما أكثر رقودك ونومك .
«أخذ بنفسي» المناسب لهذا المقام سكون الفاء كما قال تعالى : « اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَ الَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا »۱ ، لكن يأبى عنه جمعه ثانياً لفظ الأنفاس ، فإنّ جمع النَفْس - بالتحريك - وجمع النَفس - بالسكون - الأنفس والنفوس ، والمراد بالنفس : الصوت ، ويكون انقطاع الصوت كناية عن النوم . وفي القاموس : النَفَس - بالتحريك - واحد الأنفاس والسعة والفسحة في الأمر والجرعة والرأي والطويل من الكلام‏۲ ، انتهى .
وبعد إيراد هذه الرواية قال الشهيد رحمة اللَّه عليه :
في هذا الخبر فوائد :
منها : استحباب أن يكون للقوم حافظ إذا ناموا ؛ صيانة لهم عن هجوم ما يخاف منه .
ومنها : أنّ اللَّه أنام نبيّه لتعلّم اُمّته ، ولئلّا يعيّر بعض الاُمّة بذلك ، ولم أقف على رادٍّ لهذا الخبر لتوهّم القدح في العصمة .
ومنها : أنّ العبد ينبغي أن ينتقل بالمكان والزمان بحسب ما يصيبه فيهما من خير أو غيره ، ولهذا تحوّل النبيّ صلى اللَّه عليه وآله إلى مكان آخر .
ومنها : استحباب الأذان للفائة ، كما يستحبّ للحاضرة ، وقد روى العامّة عن أبي قتادة وجماعة من الصحابة في هذه الصورة : أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله أمر بلالاً فأذّن ، فصلّى ركعتي الفجر وأمره ، فأقام فصلّى صلاة الفجر .
ومنها : استحباب قضاء السنن .
ومنها : جواز فعلها لمن عليه قضاء وإن كان قد منع منه أكثر المتأخّرين .
ومنها : شرعيّة الجماعة في القضاء كالأداء .
ومنها : وجوب قضاء الفائتة كفعله صلى اللَّه عليه وآله ووجوب التأسّي به وقوله : «فليصلّها» .
ومنها : أنّ وقت قضائها ذكرُها .
ومنها : أنّ المراد بالآية ذلك .
ومنها : الإشارة إلى المواسعة في القضاء لقول الباقر عليه السلام : « ألا أخبرتهم أنّه قد فات الوقتان »۳ .

1.الزمر ( ۳۹ ) : ۴۲ .

2.بحار الأنوار ، ج ۸۴ ، ص ۲۴ - ۲۵ .

3.ذكرى الشيعة ، ج ۲ ، ص ۴۲۲ - ۴۲۳ .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
210

الحديث الثامن والثمانون والمائة

[إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة]

۰.ما رويناه بالأسانيد عن الشهيد في الذكرى ، قال : روى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتّى يبدأ بالمكتوبة » .
قال : فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عيينة وأصحابه فقبلوا ذلك منّي ، فلمّا كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدّثني : « أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله عرّس في بعض أسفاره وقال : من يكلؤنا ؟ فقال بلال : أنا ، فنام بلال وناموا حتّى طلعت الشمس ، فقال : يا بلال ، ما أرقدك ؟ فقال : يا رسول اللَّه ، أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم ، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : قوموا فتنحّوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة ، وقال : يا بلال ، أذّن ، فأذّن فصلّى صلى اللَّه عليه وآله ركعتي الفجر وأمر أصحابه فصلّى بهم الصبح ، ثمّ قال : من نسي شيئاً من الصلاة فليصلّها إذا ذكرها ، فإنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول : « وَ أَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِى »۱ .
قال زرارة : فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه ، فقال : نقضت حديثك الأوّل ، فقدمت على أبي جعفر عليه السلام فأخبرته بما قال القوم ، فقال : « يا زرارة ، ألا أخبرتهم أنّه قد فات الوقتان جميعاً وأنّ ذلك كان قضاءاً من رسول اللَّه‏۲ ؟ ! » .

1.طه ( ۲۰ ) : ۱۴ .

2.ذكرى الشيعة ، ج‏۲ ، ص‏۴۲۲ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج‏۴ ، ص‏۲۸۵ ، ح‏۵۱۷۵ ؛ بحار الأنوار ، ج‏۸۴ ، ص‏۲۴ ، ح‏۳ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10605
صفحه از 719
پرینت  ارسال به