بيان
قال العلّامة المجلسيّ :
«عرّس» بالتشديد ، أي نزل في آخر الليل للاستراحة ، وهذا المكان اشتهر بالمعرّس ، وهو بقرب المدينة ، و« يكلؤنا » بالهمزة ، أي : يحرسنا من العدو ، أو من فوت الصلاة ، أو الأعم ، ولفظة «ما» في «ما أرقدك» استفهاميّة ، وربّما يتوهّم كونها للتعجّب ، أي ما أكثر رقودك ونومك .
«أخذ بنفسي» المناسب لهذا المقام سكون الفاء كما قال تعالى : « اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَ الَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا »۱ ، لكن يأبى عنه جمعه ثانياً لفظ الأنفاس ، فإنّ جمع النَفْس - بالتحريك - وجمع النَفس - بالسكون - الأنفس والنفوس ، والمراد بالنفس : الصوت ، ويكون انقطاع الصوت كناية عن النوم . وفي القاموس : النَفَس - بالتحريك - واحد الأنفاس والسعة والفسحة في الأمر والجرعة والرأي والطويل من الكلام۲ ، انتهى .
وبعد إيراد هذه الرواية قال الشهيد رحمة اللَّه عليه :
في هذا الخبر فوائد :
منها : استحباب أن يكون للقوم حافظ إذا ناموا ؛ صيانة لهم عن هجوم ما يخاف منه .
ومنها : أنّ اللَّه أنام نبيّه لتعلّم اُمّته ، ولئلّا يعيّر بعض الاُمّة بذلك ، ولم أقف على رادٍّ لهذا الخبر لتوهّم القدح في العصمة .
ومنها : أنّ العبد ينبغي أن ينتقل بالمكان والزمان بحسب ما يصيبه فيهما من خير أو غيره ، ولهذا تحوّل النبيّ صلى اللَّه عليه وآله إلى مكان آخر .
ومنها : استحباب الأذان للفائة ، كما يستحبّ للحاضرة ، وقد روى العامّة عن أبي قتادة وجماعة من الصحابة في هذه الصورة : أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله أمر بلالاً فأذّن ، فصلّى ركعتي الفجر وأمره ، فأقام فصلّى صلاة الفجر .
ومنها : استحباب قضاء السنن .
ومنها : جواز فعلها لمن عليه قضاء وإن كان قد منع منه أكثر المتأخّرين .
ومنها : شرعيّة الجماعة في القضاء كالأداء .
ومنها : وجوب قضاء الفائتة كفعله صلى اللَّه عليه وآله ووجوب التأسّي به وقوله : «فليصلّها» .
ومنها : أنّ وقت قضائها ذكرُها .
ومنها : أنّ المراد بالآية ذلك .
ومنها : الإشارة إلى المواسعة في القضاء لقول الباقر عليه السلام : « ألا أخبرتهم أنّه قد فات الوقتان »۳ .