الحديث الخامس والعشرون والمائة
[في عظمة القرآن و أوصافه]
۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام في الكافي ، عن السكونيّ ، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : «قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : إنّكم في دار هدنة ، وأنتم على ظهر سفر ، والسير بكم سريع ، وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كلّ جديد ، ويقرّبان كلّ بعيد ، ويأتيان بكلّ موعود ، فاعدّوا الجهاز لبعد المجاز» .
قال : فقام المقداد بن الأسود ، فقال : يا رسول اللَّه ، وما دار الهدنة ؟
فقال : «دار بلاغ وانقطاع ، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنّه شافع مشفّع ، وماحل مصدّق ، من جعله أمامه قاده إلى الجنّة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار ، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل ، وبيان وتحصيل ، وهو الفصل ليس بالهزل ، وله ظهر وبطن ، وظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، له تخوم ، وعلى تخومه تخوم ، لا تحصى عجايبه ، ولا تبلى غرايبه ، وفيه مصابيح الهدى ، ومنار الحكمة ، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة ، فليُجل جالٍ بصره ، وليبلغ الصفة نظره، يُنج من عطب ، ويخلص من نشب ، فإنّ التفكّر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور ، فعليكم بحسن التخلّص وقلّة التربّص»۱ .
بيان
(ماحل) أي يمحل بصاحبه إذا لم يتّبع ما فيه ، يعني يسعى به إلى اللَّه تعالى . وقيل : معناه خصم مجادل .
و(الأنيق) الحسن المعجب ، (والتخوم) بالتاء الفوقيّة والمعجمة : جمع تَخم - بالفتح - وهو منتهى الشيء ، وفي بعض النسخ بالنون والجيم .
وقوله : (لمن عرف الصفة) أي صفة التعرّف وكيفيّة الاستنباط .
و(العطب) : الهلاك .
و(النشب) : الوقوع فيما لا مخلص منه .
وفي هذا الخبر دلالة على حجّيّة ظاهر الكتاب .