الحديث السابع والثمانون والمائة
[علّة جعل الصلاة خمسين ركعة]
۰.ما رويناه عن الصدوق في العلل والخصال بإسناده عن أبي هاشم الخادم ، قال : قلت لأبي الحسن الماضي عليه السلام : لِمَ جعلت صلاة الفريضة والسنّة خمسين ركعة لا يزاد فيها ولا ينقص منها ؟ قال : « إنّ ساعات الليل اثنتا عشر ساعة ، وفيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة ، وساعات النهار اثنتا عشر ساعة ، فجعل لكلّ ساعة ركعتين ، وما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق غسق ، فجعل للغسق ركعة »۱ .
بيان
قال العلّامة المجلسيّ رحمة اللَّه عليه :
هذا اصطلاح شرعيّ للساعات ، وهي مختلفة باختلاف الاصطلاحات ، فمنها مستوية ، ومنها معوجة إلى غير ذلك ، والركعة التي جعلت للغسق لعلّها ركعتا الوتيرة ، فإنّهما تعدّان بركعة ، وفي الخصال : ليس قوله «فجعل للغسق ركعة » ، وفيه مكان «الشفق » : «القرص» فالمراد سقوطه بالكلّيّة بذهاب الحمرة المشرقيّة ، وما في العلل في الموضعين أظهر وأصحّ ، وفي الكافي أيضاً كذلك .
وقال السيّد الداماد رحمة اللَّه عليه : كون كلّ من الليل والنهار اثنا عشر ساعة إمّا بحسب الساعات المعوجة ، أو بحسب الساعات المستوية في خطّ الاستواء ، أو في الآفاق المائلة أيضاً عند تساوي الليل والنهار ، وذلك إذا كان المدار اليومي للشمس معدل النهار ، وأمّا إخراج ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس من الليل والنهار واعتبار زمانه على حياله ساعة برأسها ، فقد ورد به بعض الأخبار عنهم عليهم السلام :
ومن ذلك ما رواه جماعة من مشيخة علمائنا رضي اللَّه عنهم عن مولانا الصادق عليه السلام أنّ مطران النصارى سأل أباه الباقر عليه السلام عن مسائل عديدة عويصة ، منها : الساعة التي ليست هي من ساعات الليل ولا من ساعات النهار ، أيّة ساعة هي ؟ فقال عليه السلام : « هي الساعة التي بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس » ، فاستشكل ذلك من باعه في تتبّع العلوم والمذاهب قاصر ، زاعماً أنّ هذا أمر لم ينعقد عليه اصطلاح ولم يذهب إليه ذاهب أصلاً ، وليس هذا الاصطلاح منقولاً في كتب أعاظم علماء الهيئة من حكماء الهند .
وأليس الاُستاذ أبو ريحان في القانون المسعودي ذكر أنّ براهمة الهند ذهبوا إلى أنّ ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ، وكذلك ما بين غروب الشمس وغروب الشفق غير داخل في شيء من الليل والنهار ، بل أنّ ذلك بمنزلة الفصل المشترك بينهما ، وأورد ذلك الفاضل البيرجندي في شرح الزيج الجديد وفي شرح التذكرة .
ثمّ إنّ ما في أكثر رواياتنا عن أئمّتنا المعصومين عليهم السلام وما عليه العمل عند أصحابنا رضي اللَّه عنهم إجماعاً هو أنّ زمان ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من النهار معدود من ساعاته ، وكذلك زمان غروب الشمس إلى ذهاب الحمرة من جانب المشرق ، فإنّ ذلك إمارة غروبها في اُفق المغرب ، فالنهار الشرعيّ في باب الصلاة والصوم وفي سائر الأبواب من طلوع الفجر المستطير إلى ذهاب الحمرة المشرقيّة ، وهذا هو المعتبر والمعوّل عليه عند أساطين الإلهيّين والرياضيّين من حكماء اليونان ، وتاوزيوسوس بنى أساس الاصطلاح في كتاب المساكن عليه ، وحكم أنّ مبدء النهار عند ظهور الضياء واختفاء الكواكب الثابتة ، ومنتهاه حين اختفاء الضياء واشتباك النجوم .
والعلّامة الشيرازيّ قطب فلك التحقيق والتحصيل ، شارح حكمة الإشراق وكلّيّات القانون أظهر في كتبه - نهاية الإدراك ، والتحفة ، والاختيارات المظفّريّة - : أنّ أوّل الليل في اصطلاح الشرع وعند علماء الدين مجاوزة الشمس اُفق المغرب حيث تذهب الحمرة المشرقيّة وتستبين الظلمة في جانب المشرق ، وما ذكره إن هو إلّا مذهب الإماميّة ، وأمّا أصحاب الأحكام من المنجّمين فالنهار عندهم محدّد في طرفي المبدأ والمنتهى بطلوع مركز الشمس من اُفق المشرق ، وغروبه في اُفق المغرب ، وزمان ظهور جرم الشمس إلى طلوع مركزها محسوب عندهم من الليل ، وزمان غروب المركز إلى اختفاء الجرم أيضاً كذلك ، فليتعرّف۲ . انتهى .