187
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
186

الحديث التاسع والسبعون والمائة

[حبّب إليّ من دنياكم النساء والطيب ...]

۰.ما رويناه عن الصدوق في الخصال بإسناده عن أنس عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله قال : « حُبِّبَ إليّ من دنياكم : النساء والطيب ، وجعل قرّة عيني في الصلاة »۱ .

قال الصدوق رحمة اللَّه عليه :
إنّ الملحدين يتعلّقون بهذا الخبر ويقولون : إنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله قال : حبّب إليّ من دنياكم النساء والطيب ، وأراد أن يقول الثالث فندم وقال : وجعل قرّة عيني في الصلاة ، وكذبوا لأنّه صلى اللَّه عليه وآله لم يكن مراده بهذا الخبر إلّا الصلاة وحدها ؛ لأنّه قال : « ركعتان يصلّيهما المتزوّج أفضل عند اللَّه من سبعين ركعة يصلّيهما غير متزوّج » ، وإنّما حبّب إليه النساء لأجل الصلاة ، وهكذا قال : « ركعتان يصلّيهما متعطّر أفضل من ركعات يصلّيها غير متعطّر » وإنّما حُبّب إليه الطيب أيضاً لأجل الصلاة ، ثمّ قال صلى اللَّه عليه وآله : « وجُعل قرّة عيني في الصلاة » ، لأنّ الرجل لو تطيّب وتزوّج ثمّ لم يصلّ لم يكن له في التزويج والطيب فضل ولا ثواب‏۲ . انتهى .
وقال العلّامة المجلسيّ رحمة اللَّه عليه :
أقول : ما ذكره رحمة اللَّه عليه جيّد متين لكنّه إنّما يستقيم على رواية ليس فيها « ثلاث »۳ ، وأمّا على الرواية التي ذكر فيها « ثلاث » فلا يستقيم ما ذكره قدّس سره ، وليت شعري أيّ إلحاد فيما ذكروه ؟ ولعلّه نسب إليهم الإلحاد من جهة اُخرى علمها منهم ، وإنّما ارتكبوا هذا في رواية ليس فيها لفظ الثلاث أيضاً ؛ لأنّ الصلاة ليست من اُمور الدنيا بل من اُمور الآخرة وأفضلها ، ولو كان المراد ما يقع في الدنيا فلا وجه ظاهراً لتخصيص تلك الاُمور بالذكر .
ويمكن أن يقال : المراد ما يقع في الدنيا مطلقاً ، والغرض بيان أنّ الأوّلين من اللذّات الدنيويّة أهمّ وأفضل من سائرها ، والأخير من العبادات الدينيّة أهمّ من سائرها ، والحاصل : أنّي أحببت من اللذّات هذين ومن العبادات هذه .
ويحتمل وجه آخر بأن يقال : قرّة العين في الصلاة أيضاً من اللذّات التي تحصل للمقرّبين في الدنيا وإن كانت الصلاة من الأعمال الاُخرويّة ، فإنّ التذاذ المقرّبين بالصلاة والمناجاة أشهى عندهم من جميع اللذّات ، فلذا عدّها من لذّات الدنيا ، بل يمكن أن يقال : إنّما عدّها في تلك الاُمور إشعاراً بأنّ التذاذه صلى اللَّه عليه وآله بالنساء والطيب أيضاً من تلك الجهة ، أي لأنّ اللَّه تعالى ارتضاهما واختارهما لا للشهوة النفسانيّة ، وسيأتي في ذلك تحقيق منّا يقتضي أنّ التذاذهم بنعم الجنّة أيضاً من تلك الجهة ، ولو كان النار - والعياذ باللَّه - دار الاختيار ومرضيّاً للعزيز الجبّار لكانوا طالبين لها ، فلذّاتهم في الدارين مقصورة على ما اختاره لهم مولاهم ، ولا يذعن بهذا الكلام حقّ الإذعان إلّا من سعد بالوصول إلى مقامات المحبّين ، رزقنا اللَّه ذلك وسائر المؤمنين .
ثمّ اعلم أنّ القُرّ بالضمّ : ضدّ الحرّ ، والعرب تزعم أنّ دمع الباكي من شدّة السرور بارد ومن الحزن حار ، فقرّة العين كناية عن السرور والظفر بالمطلوب ، يقال : قرّت عينه تقرّ - بالكسر والفتح - قرّة - بالفتح والضمّ‏۴- انتهى .

1.الخصال ، ص ۱۶۵ ، ح‏۲۱۸ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۲ ، ص ۱۴۴ ، ح‏۱۷۵۵ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۹ ، ص ۲۱۱ ، ح‏۲۳ .

2.الخصال ، ص ۱۶۵ .

3.أي كلمة « ثلاث » ، كما هو الوارد في بعض كتب الأخبار ، انظر : عوالي اللآلي ، ج ۳ ، ص ۲۹۶ ، ح ۷۴ ؛ معدن الجواهر ، ص ۳۱ .

4.بحار الأنوار ، ج ۷۹ ، ص ۲۱۱ - ۲۱۲ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10709
صفحه از 719
پرینت  ارسال به