175
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

الحديث الثاني والسبعون والمائة

[في بعض شروط إمام الجماعة]

۰.ما رويناه بالأسانيد عن الفاضل الحلي في السرائر نقلاً من كتاب أبي عبداللَّه السيّاري ، قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام : قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة ، فيُقدَّم بعضهم فيصلّي جماعة ، فقال : « إن كان الذي يؤمّ بهم ليس بينه وبين اللَّه طلبة فليفعل » .
قال : وقلت له مرّة اُخرى : إنّ القوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة ، فيؤذّن بعضهم ويتقدّم أحدهم فيصلّي بهم ، فقال : « إن كانت قلوبهم كلّها واحدة فلا بأس » . فقلت : ومن لهم بمعرفة ذلك ؟ قال : « فدعوا الإمامة لأهلها »۱ .

بيان‏

هذا الحديث يخالف الأخبار المتظافرة الدالّة على الاكتفاء في الإمام بحسن الظاهر ، بل لم نقف في إمام الجماعة على خبر صريح في اشتراط العدالة فيه مع نهاية الحثّ والتأكيد عليها ، فلعلّه محمول على استحباب اتصاف الإمام بذلك .
قال العلّامة المجلسيّ بعد إيراده الخبر :
هذا الخبر مخالف للأحاديث الصحيحة الدالّة على المساهلة والتوسعة في عدالة الإمام ، والاكتفاء فيها بحسن الظاهر ، وعدم التظاهر بالفسوق والحثّ والترغيب العظيم الوارد في فعلها ، وعادة السلف في الأعصار من مواظبتهم عليها ، والتأمّل في حال الجماعة الذين عيّنهم النبيّ والأئمّة عليهم السلام لذلك ، مع أنّ الخبر ضعيف ، ولو سُلّم فيمكن حمله على استحباب كون الإمام متّصفاً بتلك الصفات أو يحمل قوله : «ليس بينه وبين اللَّه طلبة» على أنّه لم يكن عليه كبيرة لم يتب منها ، فإنّ الصغائر مكفَّرة مع اجتناب الكبائر ، فلا طلبة عنها ، فيدلّ على أنّه يشترط في الإمامة اعتقاد الإمام بعدالة نفسه .
وأمّا كون قلوبهم واحدة فيمكن أن يراد به عدم الاختلاف في العقائد .
وقوله : «دعوا الإمامة لأهلها» يمكن حمله على أنّ مع وجود الأفضل ينبغي أن لا يعدل عنه إلى غيره . على أنّه يمكن أن يكون غرضه منع الراوي وأمثاله عن الإمامة لأنّه كان ضعيفاً فاسد المذهب ، قال النجاشيّ : كان ضعيف الحديث فاسد المذهب ، وقال ابن الغضائريّ : إنّه قال بالتناسخ » .
ويمكن حمله على التقيّة أيضاً لئلّا يتضرّروا من المخالفين‏۲ .
وبالجملة ، يشكل ترك هذه السُّنّة المتواترة تمسّكاً بمثل هذه الرواية .

1.مستطرفات السرائر ، ج ۳ ، ص ۵۷۰ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۳۱۶ ، ح‏۱۰۷۷۵ ؛ بحار الأنوار ، ج ۸۵ ، ص‏۱۰۷ ، ح‏۷۹ .

2.بحار الأنوار ، ج ۸۵ ، ص ۱۰۷ - ۱۰۸ .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
174

الحديث الحادي والسبعون والمائة

[أقيموا صفوفكم وامسحوا بمناكبكم‏]

۰.ما رويناه عن الصدوق في ثواب الأعمال مسنداً عن الصادق عليه السلام قال : « قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : يا أيّها الناس ، أقيموا صفوفكم ، وامسحوا بمناكبكم ؛ لئلّا يكون فيكم خلل ، ولا تخالفوا فيخالف اللَّه بين قلوبكم ، ألا وإنّي أراكم من خلفي »۱ .

بيان‏

( وامسحوا بمناكبكم ) أي اجعلوها متلاصقة يمسح بعضها بعضاً ، ولا يكون بينها خلل وفُرَج .
وقوله : ( ولا تخالفوا فيخالف اللَّه بين قلوبكم ) أي إذا تقدّم بعضهم على بعض في الصفوف تأثّرت قلوبهم ونشأ بينهم الخلف ، كذا في النهاية ، قال : ومنه الحديث الآخر : « لتسوّنّ صفوفكم أو ليخالفنّ اللَّه بين وجوهكم » ، يريد : أنّ كلّاً منهم يصرف وجهه عن الآخر يوقع بينهم التباغض ، فإنّ إقبال الوجه على الوجه من أثر المودّة والاُلفة ، وقيل : أراد بها تحويلها إلى الإدبار ، وقيل : تغيّر صورها إلى صور اُخرى‏۲ .

1.ثواب الأعمال ، ص ۲۳۰ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۸ ، ص ۴۲۳ - ۴۲۴ ، ح‏۱۱۰۷۶ ؛ بحار الأنوار ، ج ۸۵ ، ص ۹۹ ، ح‏۶۵ .

2.النهاية لابن الأثير ، ج ۲ ، ص ۶۷ ( خلف ) .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10613
صفحه از 719
پرینت  ارسال به