الحديث الثاني والسبعون والمائة
[في بعض شروط إمام الجماعة]
۰.ما رويناه بالأسانيد عن الفاضل الحلي في السرائر نقلاً من كتاب أبي عبداللَّه السيّاري ، قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام : قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة ، فيُقدَّم بعضهم فيصلّي جماعة ، فقال : « إن كان الذي يؤمّ بهم ليس بينه وبين اللَّه طلبة فليفعل » .
قال : وقلت له مرّة اُخرى : إنّ القوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة ، فيؤذّن بعضهم ويتقدّم أحدهم فيصلّي بهم ، فقال : « إن كانت قلوبهم كلّها واحدة فلا بأس » . فقلت : ومن لهم بمعرفة ذلك ؟ قال : « فدعوا الإمامة لأهلها »۱ .
بيان
هذا الحديث يخالف الأخبار المتظافرة الدالّة على الاكتفاء في الإمام بحسن الظاهر ، بل لم نقف في إمام الجماعة على خبر صريح في اشتراط العدالة فيه مع نهاية الحثّ والتأكيد عليها ، فلعلّه محمول على استحباب اتصاف الإمام بذلك .
قال العلّامة المجلسيّ بعد إيراده الخبر :
هذا الخبر مخالف للأحاديث الصحيحة الدالّة على المساهلة والتوسعة في عدالة الإمام ، والاكتفاء فيها بحسن الظاهر ، وعدم التظاهر بالفسوق والحثّ والترغيب العظيم الوارد في فعلها ، وعادة السلف في الأعصار من مواظبتهم عليها ، والتأمّل في حال الجماعة الذين عيّنهم النبيّ والأئمّة عليهم السلام لذلك ، مع أنّ الخبر ضعيف ، ولو سُلّم فيمكن حمله على استحباب كون الإمام متّصفاً بتلك الصفات أو يحمل قوله : «ليس بينه وبين اللَّه طلبة» على أنّه لم يكن عليه كبيرة لم يتب منها ، فإنّ الصغائر مكفَّرة مع اجتناب الكبائر ، فلا طلبة عنها ، فيدلّ على أنّه يشترط في الإمامة اعتقاد الإمام بعدالة نفسه .
وأمّا كون قلوبهم واحدة فيمكن أن يراد به عدم الاختلاف في العقائد .
وقوله : «دعوا الإمامة لأهلها» يمكن حمله على أنّ مع وجود الأفضل ينبغي أن لا يعدل عنه إلى غيره . على أنّه يمكن أن يكون غرضه منع الراوي وأمثاله عن الإمامة لأنّه كان ضعيفاً فاسد المذهب ، قال النجاشيّ : كان ضعيف الحديث فاسد المذهب ، وقال ابن الغضائريّ : إنّه قال بالتناسخ » .
ويمكن حمله على التقيّة أيضاً لئلّا يتضرّروا من المخالفين۲ .
وبالجملة ، يشكل ترك هذه السُّنّة المتواترة تمسّكاً بمثل هذه الرواية .