الحديث الثالث والستّون والمائة
[المؤذّنون اُمناء المؤمنين]
۰.ما رويناه عن الصدوق في الفقيه بإسناده عن بلال ، قال : سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله يقول : « المؤذّنون اُمناء المؤمنين على صلاتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم ، لا يسألون اللَّه عزّ وجلّ شيئاً إلّا أعطاهم ، ولا يشفعون في شيء إلّا شفِّعوا »۱ .
إيضاح
أمّا إنّهم اُمناء على الصلاة والصوم بالنسبة إلى ذوي الأعذار فظاهر ، وكذا بالنظر إلى غيرهم مع حصول العلم بأذانهم أو إذا كانوا عدولاً ثقاة عارفين بالأوقات ، كما يستفاد من جملة من الروايات ، أو إذا كانت أخبارهم محفوفة بالقرائن .
وأمّا على اللحوم فقيل في توجيهه : الظاهر أنّ المراد أنّ المؤذّنين إذا لم يؤذّنوا يغتاب الناس أهل تلك المدينة أو القرية أو المحلّة بأنّهم ليسوا بمسلمين ؛ لأنّهم لا يقيمون شعائر الإسلام .
ويحتمل أن تكون اللحوم مقرونة مع الدماء ؛ لأنّ أهل القرية أو المدينة إذا اتفّقوا على ترك الأذان يحلّ للإمام قتالهم حتّى يقيموا الأذان ، كما أنّ الحاجّ إذا تركوا زيارة النبيّ صلى اللَّه عليه وآله يحلّ قتالهم ، وإن كان كلّ من الأذان والزيارة مسنوناً ولا يصير بذلك واجباً ، فإنّ الواجب ما يستحقّ بتركه العقوبة الاُخرويّة ، وهذه دنيويّة ، بل لا بُعد في أن نقول : إنّ الإتيان بالمكروهات وترك المستحبّات يترتّب عليها عقاب أو ضرر دنيويّ كما يستفاد من الأخبار ، ويمكن أن يكون الأمانة في اللحوم باعتبار أنّ من صدر منه ذلك جاز استحلال لحمه الذي يؤخذ منه ولحم يؤخذ من بلد هو فيه .
وأمّا في الدماء فمن حيث إنّ من سمعناه يؤذّن وصدر منه إهراق دم جاز استحلاله ، لدلالة الأذان على إسلامه ، بخلاف غيره إذا كان مجهول الإسلام .
وقوله «لا يشفعون» الحديث ، يحتمل أن يراد : أنّهم لا يدعون لأحد في شيء من الاُمور الدنيويّة أو الاُخرويّة إلّا قبلت شفاعتهم فيه ، ويحتمل الأعمّ من الدنيا والآخرة .