151
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

الحديث الثالث والخمسون والمائة

[لا تتّخذوا قبري عيداً و ...]

۰.ما رويناه عن العلّامة المجلسيّ رحمة اللَّه عليه في البحار عن الشيخ في المجالس والكراجكيّ في الكنز بإسنادهما عن أميرالمؤمين عليه السلام قال : سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله يقول : « لا تتّخذوا قبري عيداً ، ولا تتّخذوا قبوركم مساجد ولا بيوتكم قبوراً »۱ ، الخبر .

بيان‏

قال المجلسيّ رحمة اللَّه عليه :
هذا الخبر رواه في فردوس الأخبار وغيره من كتب المخالفين عن عليّ عليه السلام ، وقال الطيبيّ في شرح المشكاة في قوله صلى اللَّه عليه وآله : « لا تتّخذوا قبري عيداً » ، أي لا تجعلوا زيارة قبري عيداً أو قبري مظهر عيدٍ ، أي لا تجتمعوا لزيارتي اجتماعكم للعيد ، فإنّه يوم لهوٍ وسرور وحال الزيارة بخلافه ، وكان دأب أهل الكتاب فأورثهم القسوة ، ومنهج‏۲عبدة الأوثان حتّى عبدوا الأموات ، أو اسم من الاعتياد من عاده واعتاده ، إذا صار عادة له ، واعتياده يؤدّي إلى سوء الأدب وارتفاع الحشمة ، ويؤيّده قوله صلى اللَّه عليه وآله : « فإنّ صلاتكم تبلغني حيث كنتم » ، أي لا تتكلّفوا المعاودة إليّ فقد استغنيتم عنه بالصلاة عليّ .
وقال في شرح الشفاء : ويحتمل كون النهي لدفع المشقّة عن اُمّته أو لكراهة أن يتجاوزوا في تعظيم قبره فيقسوا به ، وربّما يؤدّي إلى الكفر .
وقال الكرمانيّ في شرح البخاريّ : بيان ملائمة الصدر للعجز أنّ معناه : لا تجعلوا بيوتكم كالقبور الخالية من عبادة اللَّه ، وكذا لا تجعلوا القبور كالبيوت محلّاً للاعتياد لحوائجكم ومكاناً للعيادة أو مرجعاً للسرور والزينة كالعيد .
وفي النهاية في قوله : « لا تجعلوا بيوتكم مقابر » أي : لا تجعلوها لكم كالقبور ، فلا تصلّوا فيها ، لأنّ العبد إذا مات فصار في قبره لم يصلّ ، ويشهد له قوله صلى اللَّه عليه وآله فيه : « اجعلوا من صلواتكم في بيوتكم ولا تتّخذوها قبوراً » ، وقيل : معناه : لا تجعلوها كالمقابر التي لا تجوز الصلاة فيها ، والأوّل أوجه . انتهى .
وقال الطيبي في شرح المشكاة : هذا محتمل لوجوه :
أحدها : أنّ القبور مساكن الأموات الذين سقط عنهم التكليف فلا يُصلّى فيها ، وليس كذلك البيوت فصلّوا فيها ولا تشبّهوها بها .
ثانيها : أنّكم نهيتم عن الصلاة في المقابر لا عنها في البيوت ، فصلّوا فيها ولا تشبّهوها بها .
ثالثها : مثل الذاكر كالحيّ وغير الذاكر كالميّت ؛ فمن لم يصلّ في البيوت جعل نفسه كالميّت ، وبيته كالقبر .
رابعها : قول الخطابيّ : لا تجعلوا بيوتكم أوطاناً للنوم فلا تصلّوا فيها ، فإنّ النوم أخو الموت ، وقد حمل بعضهم النهي عن الدفن في البيوت ، وذلك ذهاب عمّا يقتضيه نسق الكلام ، على أنّه صلى اللَّه عليه وآله دُفن في بيت عائشة مخافة أن يتّخذوه مسجداً .
وقال الطيبيّ في شرح ما رووه عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله : «لعن اللَّه اليهود والنصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» كانوا يجعلونها قبلة يسجدون إليها في الصلاة كالوثن ، أمّا من سجد في جوار رجل صالح ، أو صلّى في مقبرة قاصداً بها الاستظهار بروحه ، أو وصول أثر من آثار عبادته إليه لا التوجّه إليه والتعظيم له فلا حرج عليه ، ألا ترى أنّ مرقد إسماعيل في الحجر في‏المسجد الحرام والصلاة فيه أفضل‏۳ . انتهى .

1.كنز الفوائد ، ص ۲۶۵ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۷۹ ، ص ۵۵ ، ح‏۴۴ ؛ ومستدرك الوسائل ، ج ۲ ، ص‏۳۷۹ ، ح‏۲۲۴۰ . ولم نعثر عليه في أمالي الطوسي .

2.في البحار : « ومن هجيري » بدل « ومنهج » أي من دأبي وعادتي .

3.بحار الأنوار ، ج ۷۹ ، ص ۵۵ - ۵۶ .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
150
  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 15452
صفحه از 719
پرینت  ارسال به