147
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

الحديث الحادي والخمسون والمائة

[في انكساف الشمس والقمر]

۰.ما رويناه عن ثقة الإسلام في الكافي ، والبرقيّ في المحاسن بإسنادهما عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله أنّه قال في حديث طويل عند موت إبراهيم وانكساف الشمس في ذلك الوقت : « أيّها الناس ، إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه تجريان بأمره ، مطيعان ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فلو انكسفتا أو أحدهما فصلّوا »۱ .

ووجه الإشكال : إنّه لا يظهر للترديد معنى ؛ إذ انكسافهما معاً في وقت واحد محال .
والجواب : إنّ أحسن التوجيهات لذلك أن يكون الترديد من الراوي ، بمعنى شكّه في أنّه صلى اللَّه عليه وآله قال : إذا انكسفتا فصلّوا ، أو قال : إذا انكسفت إحداهما فصلّوا .

1.المحاسن ، ج ۲ ، ص ۳۱۳ ، ح‏۳۱ ؛ الكافي ، ج ۳ ، ص ۲۰۸ ، باب غسل الأطفال والصبيان والصلاة عليهم ، ح‏۷ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۷ ، ص ۴۸۵ ، ح‏۹۹۲۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۲ ، ص ۱۵۵ ، ح‏۱۳ .


مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
146

الحديث الخمسون والمائة

[في ما يقال في الصلاة على الميّت ...]

۰.ما رويناه بأسانيد عديدة ومتون سديدة عن الأئمّة عليهم السلام أنّه يقال في صلاة الميّت : « اللّهمّ إنّا لا نعلم منه إلّا خيراً »۱ .
وفيه إشكال مشهور وهو : أنّ هذه الكيفيّة للصلاة على المؤمن برّاً كان أو فاجراً ، فكيف يجوز لنا هذا القول فيمن نعلم منه الشرور والفسوق ؟!

واُجيب عنه بوجوه :
الأوّل : أن يقال : يجوز أن يكون هذا ممّا استثني من الكذب مسوّغاً۲ لنا ، رحمة منه تعالى على الموتى ليصير سبباً لغفران ذنوبهم ، كما جاز في الإصلاح بين الناس ، بل نقول : هذا أيضاً كذب في الصلاح ، وقد ورد في الخبر : « أنّ اللَّه يحبّ الكذب في الصلاح ويبغض الصدق في الفساد » .
الثاني : أن يخصّص الخير والشرّ بالعقائد ، لكن الترديد المذكور بعده لا يلايمه .
الثالث : أن يقال : إنّ شرّهم غير معلوم لاحتمال توبتهم أو شمول عفو اللَّه أو الشفاعة لهم مع معلوميّة إيمانهم .
لا يقال : كما أنّ شرّهم غير معلوم - بناءاً على تلك الاحتمالات - فكذا خيرهم أيضاً غير معلوم ، فما الفرق بينهما ؟
لأنّا نقول : يمكن أن يقال بالفرق بينهما في العلم الشرعيّ ، فإنّا مأمورون بالحكم بالإيمان الظاهر وباستصحابه ، بخلاف الشرور والمعاصي فإنّا اُمرنا بالإغضاء عن عيوب الناس وحمل أقوالهم وأعمالهم على المحامل الحسنة وإن كانت بعيدة ، فليس لنا الحكم فيها بالاستصحاب .
وقيل : المراد بالخير الخير الظاهريّ ، وبالشرّ الشرّ الواقعيّ ، ولا يخفى بعده .
الرابع : أن يخصّص هذا الدعاء بالصلاة على المشهورين الذين لا يعلم منهم ذنب ، وهو بعيدٌ جدّاً .
ونقل المجلسيّ رحمة اللَّه عليه عن العلّامة في المنتهى أنّه قال :
لو لم يعرف الميّت لم يُقَل : إنّا لا نعلم منه إلّا خيراً ؛ لأنّه يكون كذباً ، بل يقول كذا ، وساق رواية تشتمل على دعاء بنحوٍ آخر ، قال : وكذلك من علم منه الشرّ لا يقال ذلك في حقّه ؛ لأنّه يكون كذباً . انتهى .
قال : ولعلّه رحمة اللَّه عليه أراد من لا يعرف منه الإيمان أو يعرف منه عدمه‏۳ .

1.انظر : الكافي ، ج ۳ ، ص ۱۸۴ باب الصلاة على المؤمن . . . ، ح ۴ ؛ من لا يحضره الفقيه ، ج ۱ ، ص ۱۶۴ ، ح‏۴۶۶ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۱ ، ص ۳۰۶ ، ح‏۸۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۳ ، ص ۶۱ - ۶۲ ، ح‏۳۰۲۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۷۸ ، ص ۳۵۷ .

2.في بحار الأنوار : « سوّغ » .

3.بحار الأنوار ، ج ۷۸ ، ص ۳۵۸ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10797
صفحه از 719
پرینت  ارسال به