الحديث الحادي والأربعون والمائة
[المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل ...]
۰.ما رويناه عن شيخ الطائفة في التهذيب بإسناده عن أديم بن الحرّ ، قال : سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل ، عليها غسل ؟ قال : « نعم ، ولا تحدّثوهنّ فيتّخذنه علّة »۱ .
بيان
أي : ترى في منامها وتُنزل ، فإنّ الرؤية من دون إنزال لا توجب الغسل حتّى في الرجال .
وقوله عليه السلام : ( فيتّخذنه علّة ) يحتمل أن يراد به إنّكم لا تخبروا النساء بأنّ عليهنّ الغسل بالاحتلام ، فإنّهنّ يتّخذن ذلك وسيلة إلى الخروج من البيوت والتردّد إلى الحمّامات ، فيظهرن لأزواجهنّ متى أردن الخروج أنّهنّ قد احتلمن ؛ لئلّا يمنعن عنه ، وفيه دلالة حينئذٍ على أنّه لا يجب على العالم بهذه المسائل أن يعلّمها للجاهل بها ، إذا ظنّ ترتّب مثل هذه المفسدة على تعليمه .
ويحتمل أن يكون المراد أنّهنّ يجعلن ذلك وسيلةً إلى الفجور ، فإنّ ضرورة الاغتسال طبعاً وعدم استقرار الجنب واطمئنانه بدون الغسل بحسب جبلّته مع قطع النظر عن الأمر الشرعيّ ربّما يمنعهنّ عن الفجور ، لئلّا يفتضحن ، فإذا وجدن إلى الاغتسال سبيلاً آخر فربّما تجرّين عليه ، لا أنّهنّ يجعلن ذلك وسيلة إلى الخروج إلى الحمّامات ؛ إذ لم يكن يخرجن يومئذٍ للغسل ، بل كنّ يغتسلن في بيوتهنّ .
ويدلّ الحديث على نفي وجوب الغسل عليهنّ رأساً ، فيرتفع الإشكال الناشي منه ، وهو صحّة صلاتهنّ مع الجنابة إذا جهلنها وجواز كتمان العلم المتعلّق بالعمل من غير تقيّة ، ولاسيّما مع رؤية تضييع العمل ، بل رجحان الكتمان . إلّا أن يقال بسقوط التكليف مع الجهل المستلزم لسقوط التعليم ، إمّا مطلقاً كما ذهب إليه بعض المحقّقين ، وإمّا مع الغفلة كما اخترناه ، واللَّه العالم .