101
مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار

مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
100

الحديث السادس والثلاثون والمائة

[في الشفاعة]

۰.ما رويناه بالأسانيد عن الصدوق في العيون بإسناده عن الرضا عليه السلام عن أبيه ، عن آبائه ، عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : « قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : مَن لم يؤمن بحوضي فلا اُورده اللَّه حوضي ، ومَن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللَّه شفاعتي . ثمّ قال عليه السلام : إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من اُمّتي ، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل» .
قال الحسين بن خالد : فقلت للرضا عليه السلام : يابن رسول اللَّه ، فما معنى قول اللَّه عزّوجلّ : « وَ لَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى‏ »۱ ؟ قال : « لا يشفعون إلّا لمن ارتضى دينه » .
قال الصدوق : المؤمن هو الذي تسرّه حسنته وتسوءه سيّئة ؛ لقوله صلى اللَّه عليه وآله : « من سرّته حسنته وسائته سيّئته فهو مؤمن ، ومن ساءته سيّئة ندم عليها ، والندم توبته ، والتائب مستحقّ للشفاعة والغفران ، ومن لم تسوءه سيّئته فهو ليس بمؤمن ، وإذا لم يكن مؤمناً لم يستحقّ الشفاعة ؛ لأنّ اللَّه غير مرتض لدينه‏۲ .

تحقيق [الخلاف في كيفية الشفاعة]

الظاهر أنّه لا خلاف بين المسلمين في ثبوت الشفاعة للنبيّ صلى اللَّه عليه وآله وإنّما الخلاف في كيفيّتها ، فالذي عندنا معشر الإماميّة وسائر المحقّقين أنّها مختصّة بدفع المضارّ وإسقاط العقاب عن مستحقّيه من مذنبي المؤمنين ، وقالت المعتزلة الوعيديّة : إنّها عبارة عن طلب زيادة المنافع للمؤمنين المطيعين التائبين دون العاصين .
أقول : وهي ثابتة عندنا للنبيّ صلى اللَّه عليه وآله وأهل بيته الطاهرين ، بل لصالح المؤمنين وللملائكة .
قال الصدوق في الاعتقادات :
اعتقادنا في الشفاعة أنّها لمن ارتضى [اللَّه‏] دينه من أهل الكبائر والصغائر ، فأمّا التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة . وقال النبيّ صلى اللَّه عليه وآله : « من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللَّه شفاعتي » . وقال صلى اللَّه عليه وآله : « لا شفيع أنجح من التوبة » . والشفاعة للأنبياء والأوصياء والمؤمنين والملائكة ، وفي المؤمنين من يشفع في مثل ربيعة ومضر ، وأقلّ المؤمنين شفاعة من يشفع لثلاثين إنساناً ، والشفاعة لا تكون لأهل الشكّ والشرك ، ولا لأهل الكفر والجحود ، بل إنّما تكون للمؤمنين من أهل التوحيد۳ . انتهى .
ولنا على ذلك قوله تعالى : « عَسَى‏ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا »۴ .
وقوله : « لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا »۵ .
وقوله تعالى : « يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَ رَضِىَ لَهُ قَوْلًا »۶ .
وقوله تعالى : « وَ لَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى‏ »۷ .
وما اتّفق عليه الفريقان من قوله صلى اللَّه عليه وآله : « ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من اُمّتي »۸ .
وقوله صلى اللَّه عليه وآله : « لكلّ نبيّ دعوة قد دعا بها وقد سأل سؤالاً ، وقد خبأت دعوتي لشفاعتي لاُمّتي يوم القيامة »۹ . ومن طرق الأصحاب عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله قال : « ثلاثة يشفعون إلى اللَّه تعالى فيشفّعون : الأنبياء ، ثمّ العلماء ، ثمّ الشهداء »۱۰ .
وعن أميرالمؤمنين : « لا تعنّونا في الطلب ، والشفاعة لكم يوم القيامة فيما قدّمتم »۱۱ .
وقال عليه السلام : « لنا شفاعة ولأهل مودّتنا شفاعة »۱۲ .
وعن الصادق عليه السلام قال : « شيعتنا من نور اللَّه خلقوا وإليه يعودون ، واللَّه ، إنّكم لملحقون بنا يوم القيامة وإنّا لنشفع فنشفّع ، واللَّه ، إنّكم لتشفعون فتشفّعون ، وما من رجل منكم إلّا وسترفع له نار عن شماله ، وجنّة عن يمينه فيدخل أحبّاءه الجنّة وأعداءه النار »۱۳ .
وعنه عليه السلام عن آبائه قال : « قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : إذا قمت المقام المحمود تشفّعت في أصحاب الكبائر من اُمّتي ، فيشفّعني اللَّه فيهم ، واللَّه ، لا تشفّعت فيمن آذى ذرّيّتي »۱۴ .
وعن الصادق عليه السلام قال : « من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا : المعراج ، والمُساءلة في القبر ، والشفاعة »۱۵ .
وعن الصادق والباقر عليهما السلام قالا : « واللَّه لنشفعنّ في المذنبين من شيعتنا حتّى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك : « فَمَا لَنَا مِن شَفِعِينَ * وَ لَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ »۱۶ »۱۷ . وعن الباقر قال : « ما من أحد من الأوّلين والآخرين إلّا وهو محتاج إلى شفاعة محمّد صلى اللَّه عليه وآله يوم القيامة » . ثمّ قال عليه السلام : « إنّ لرسول اللَّه الشفاعة في اُمّته ، ولنا الشفاعة في شيعتنا ، ولشيعتنا شفاعة في أهاليهم » .
ثمّ قال عليه السلام : « وإنّ المؤمن ليشفع في مثل ربيعة ومضر ، وإنّ المؤمن ليشفع حتّى لخادمه ، ويقول : يا ربّ ، حقّ خدمتي ، كان يقيني الحرّ والبرد »۱۸ .
وعن ابن عبّاس ، عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله قال : « اُعطيت خمساً لم يعطها أحد قبلي : جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، ونُصرت بالرعب ، واُحلّ لي المغنم ، واُعطيت جوامع الكلم ، واُعطيت الشفاعة»۱۹ .
وعنه صلى اللَّه عليه وآله قال : « وأمّا شفاعتي ففي أصحاب الكبائر من اُمّتي ما خلا أهل الشرك والظلم »۲۰ .
وعن الرضا عليه السلام قال : « من كذّب بشفاعة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لم تنله »۲۱ .
وعن الصادق عليه السلام : « إنّ المؤمن ليشفع لحميمه إلّا أن يكون ناصبيّاً ، ولو أنّ ناصبيّاً شفّع له كلّ نبيّ مرسل وملك مقرّب ما شفّعوا »۲۲ .
وعنه عليه السلام في قوله : « مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ »۲۳قال : « نحن أولئك الشافعون »۲۴ . إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة والآثار المتظافرة ، ولو كانت الشفاعة كما يقول الوعيديّة في زيادة المنافع لا غير لكنّا شافعين في النبيّ صلى اللَّه عليه وآله حيث نطلب له من اللَّه علوّ الدرجات ، والتالي باطل قطعاً ؛ لأنّ الشفيع أعلى من المشفوع فيه ، فالمقدّم مثله .

1.الأنبياء ( ۲۱ ) : ۲۸ .

2.عيون الأخبار ، ج ۱ ، ص ۱۳۶ ، ح‏۳۵ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۱۹ ، ح‏۴ .

3.الاعتقادات ، ص ۶۶ .

4.الإسراء ( ۱۷ ) : ۷۹ .

5.مريم ( ۱۹ ) : ۸۷ .

6.طه ( ۲۰ ) : ۱۰۹ .

7.الأنبياء ( ۲۱ ) : ۲۸ .

8.بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۳۰ ؛ وص ۶۱ ، ح ۸۶ ؛ المعجم الأوسط للطبراني ، ج ۶ ، ص ۱۰۶ ؛ مفاتيح الغيب ، ج ۳ ، ص ۶۳ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۵ ، ص ۱۶۱ مع تفاوت يسير ؛ أعلام الدين ، ص ۲۵۲ ؛ مجموعة ورّام ، ج ۱ ، ص ۲۹۹ .

9.مسند أبي يعلى ، ج ۴ ، ص ۲۵۱ ، ح ۲۳۲۸ ؛ مفاتيح الغيب ، ج ۳۲ ، ص ۱۲۷ ؛ كنز العمّال ، ج ۱۴ ، ص ۳۹۱ ، ح ۳۹۰۴۶ ؛ الخصال ، ج ۱ ، ص ۳۹ ، ح ۱۰۳ .

10.الخصال ، ج ۱ ، ص ۱۵۶ ، ح ۱۹۷ ؛ قرب الإسناد ، ص ۳۱ ؛ وعن الخصال في بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۳۴ ، ح ۲ .

11.. الخصال ، ج ۲ ، ص ۶۱۱ ، ح ۱۰ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۳۴ ، ح ۳ .

12.الخصال ، ج ۲ ، ص ۶۲۴ ، ح ۱۰ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۳۴ ، ح ۳ .

13.علل الشرائع ، ج ۱ ، ص ۹۴ ، ح ۲ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۵ ، ص ۳۴۳ ، ح ۲۹ .

14.الأمالي للصدوق ، ص ۲۹۴ ، ح ۳ ؛ روضة الواعظين ، ج ۲ ، ص ۲۷۳ ؛ وعن الأمالي في بحار الأنوار ، ج ۸ ص ۳۷ ، ح ۱۲ .

15.الأمالي للصدوق ، ص ۲۹۴ - ۲۹۵ ، ح ۵ ؛ روضة الواعظين ، ج ۲ ، ص ۵۰۱ ؛ وعن الأمالي في بحار الأنوار ، ج ۶ ، ص ۲۲۳ ، ح ۲۳ .

16.الشعراء (۲۶ ) : ۱۰۰ - ۱۰۲ .

17.تفسير القمّي ، ج ۲ ، ص ۱۲۳ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۳۷ ، ح ۱۵ .

18.تفسير القمّي ، ج ۲ ، ص ۲۰۲ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۳۸ ، ح ۱۶ .

19.من لا يحضره الفقيه ، ج ۱ ، ص ۲۴۰ - ۲۴۱ ، ح ۷۲۴ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۴۸۴ ، المجلس ۳۸ ، ح ۶ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۳ ، ص ۳۵۰ - ۳۵۱ ، ح ۳۸۴۱ ؛ وج ۵ ، ص ۱۱۷ ، ح ۶۰۸۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۳۸ ، ح ۱۷ .

20.الخصال ، ج ۲ ، ص ۳۵۵ ، ح ۲۶ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۳۸ ، ح ۱۸ ، وفي مستدرك الوسائل ، ج ۱۱ ، ص ۳۶۴ - ۳۶۵ ، ح ۱۳۲۷۲ .

21.عيون الأخبار ، ج ۲ ، ص ۶۶ ، ح ۲۹۲ ؛ وعنه في بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۴۰ ، ح ۲۵ .

22.المحاسن ، ج ۱ ، ص ۱۸۶ ، ح ۱۹۸ ؛ بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۴۱ ، ح‏۲۷ ؛ وج ۲۷ ، ص ۲۳۶ ، ح ۵۳ .

23.البقرة ( ۲ ) : ۲۵۵ .

24.المحاسن ، ج ۱ ، ص ۱۸۳ ، ذيل ح ۱۸۲ مع اختلاف فيه ؛ تفسير العيّاشي ، ج ۱ ، ص ۱۳۶ ، ح‏۴۵۰ ؛ وعن المحاسن في بحار الأنوار ، ج ۸ ، ص ۴۱ ، ح ۳۰ .

  • نام منبع :
    مصابيح الأنوار في حلّ مشکلات الأخبار
    سایر پدیدآورندگان :
    السید عبد الله‏ شبّر، تحقیق: مجتبى محمودى
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10670
صفحه از 719
پرینت  ارسال به