185
میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)

المُجاراةِ أمَدُها، و تَفاوَتَ عَنِ الإدراکِ أبَدُها، استَدعى الشُّكورُ بِإفضالِها، و استَحمَدَ إلى الخَلائِقِ بِإجزالِها، و أمَرَ بِالنَّدبِ إلى أمثالِها. و أشهَدُ أن لا إلَهَ إلّا اللّٰه، كَلِمَةٌ جُعِلَ الإخلاصُ تاويلَها، و ضَمِنَ القُلوبُ مَوصولَها، و أبانَ فی الفِكرِ مَعقولَها، المُمتَنِعُ مِنَ الأبصارِ رُؤيَتُهُ، و مِنَ الألسُنِ صِفَتُهُ، و مِنَ الأوهامِ الإحاطَةُ بِهِ، ابتَدَعَ الأشياءَ لا مِن شَيءٍ كانَ قَبلَهُ، و أنشاها بِلا احتِذاءٍ مِثلَهُ، وَضَعَها لِغَيرِ فائِدَةٍ زادَتهُ إظهاراً لِقُدرَتِهِ، و تَعَبُّداً لِبَريَّتِهِ، و إعزازاً لِأهلِ دَعوَتِهِ، ثُمَّ جَعَلَ الثَّوابَ عَلى طاعَتِهِ، و وَضَعَ العِقابَ عَلى مَعصيَتِهِ ذِيادَةً لِعِبادِهِ عَن نَقمَتِهِ، و حِياشَةً لَهُم إلى جَنَّتِهِ. و أشهَدُ أنَّ أبی مُحَمَّداً عَبدُهُ و رَسولُهُ، اختارَهُ قَبلَ أن يَبتَعِثَهُ، و سَمّاهُ قَبلَ أن يَستَنجِبَهُ، إذ الخَلائِقُ فی الغَيبِ مَكنونَةٌ، و بِسَدِّ الأوهامِ مَصونَةٌ و بِنِهايَةِ العَدَمِ مَقرونَةٌ، عِلماً مِنَ اللّٰه فی غامِضِ الأُمورِ، و إحاطَةً مِن وَراءِ حادِثَةِ الدُّهورِ و مَعرِفَةً بِمَوقِعِ المَقدورِ، ابتَعَثَهُ اللّٰه إتماماً لِعِلمِهِ و عَزيمَةً عَلى إمضاءِ حُكمِهِ، فَرأى الأُمَمَ فِرَقاً فی أديانِها، عُكَّفاً عَلى نيرانِها، عابِدَةً لِأوثانِها، مُنكِرَةً للهِ مَعَ عِرفانِها، فَأنارَ اللّٰه بِمُحَمَّدٍ ظُلَمَها، و فَرَّجَ عَن القُلوبِ شُبَهَها، و جَلا عَنِ الأبصارِ غُمَمَها و عَنِ الأنفُسِ عُمَهَها، ثُمَّ قَبَضَهُ اللّٰه إلَيهِ قَبضَ رَأفَةٍ و رَحمَةٍ، و اختِيارٍ و رَغبَةٍ لِمُحَمَّدٍ عَن تَعَبِ هَذِهِ الدّارِ، مَوضوعاً عَنهُ أعباءُ الأوزارِ، مَحفوفاً بِالمَلائِكَةِ الأبرارِ، و رِضوانِ الرَّبِّ الغَفّارِ، و مُجاوَرَةِ المَلِکِ الجَبّارِ، أمينُهُ عَلى الوَحیِ، و صَفيُّهُ و رَضِيُّهُ، و خِيرَتُهُ مِن خَلقِهِ و نَجِيُّهُ، فَعَلَيهِ الصَّلاةُ و السَّلامُ و رَحَمَةُ اللّٰه و بَرَكاتُهُ. ثُمَّ التَفَتَت إلى أهلِ المَسجِدِ، فَقالَت لِلمُهاجِرينَ و الأنصارِ: و أنتُم عِبادَ اللّٰه نُصبُ أمرِهِ و نَهيِهِ، و حَمَلَةُ دينِهِ و وَحيِهِ، و أُمناءُ اللّٰه عَلى أنفُسِكُم، و بُلَغاؤُهُ إلى الأُمَمِ، زَعيمُ اللّٰه فيكُم، و عَهدٌ قَدَّمَهُ إلَيكُم، و بَقيَّةٌ استَخلَفَها عَلَيكُم كِتابُ اللّٰه بَيِّنَةٌ بَصائِرُهُ، و آيَةٌ مُنكَشِفَةٌ سَرائِرُهُ، و بُرهانُهُ مُتَجَلِّيَةٌ ظَواهِرُهُ، مُديمٌ لِلبَريَّةِ استِمامُهُ، قائِدٌ إلى الرِّضوانِ أتباعَهُ، مُؤَدٍّ إلى النَّجاةِ أشياعَهُ، فيهِ تِبيانُ حُجَجِ اللّٰه المُنيرَةِ، و مَواعِظِهِ المُكَرَّرَةِ، و عَزائِمِهِ المُفَسَّرَةِ، و مَحارِمِهِ المُحَذَّرَةِ، و أحكامِهِ الكافيَةِ، و بَيِّناتِهِ الجاليَةِ و فَضائِلِهِ المَندوبَةِ، و رُخَصِهِ المَوهوبَةِ، و رَحمَتِهِ المَرجُوَّةِ، و شَرائِعِهِ المَكتوبَةِ، فَفَرَضَ اللّٰه عَليكُم الإيمانَ تَطهيراً لَكُم مِنَ الشِّرکِ، و الصَّلاةَ تَنزيهاً لَكُم عَنِ الكِبرِ، و الزَّكاةَ تَزييداً فی الرِّزقِ، و الصِّيامَ إثباتاً لِلإخلاصِ، و الحَجَّ تَشييداً لِلدِّينِ، و الحَقَّ تَسكيناً لِلقُلوبِ و تَمكيناً لِلدِّينِ، و طاعَتَنا نِظاماً لِلمِلَّةِ، و إمامَتَنا لَمّاً لِلفُرقَةِ، و الجِهادَ عِزّاً لِلإسلامِ و الصَّبرَ مَعونَةً


میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)
184

قال: حدّثنی أبان بن عثمان، قال: حدّثنی أبان بن تغلب عن جعفر بن محمّد۷، قالَ: لَمّا انصَرَفَت فاطِمَةُ۳ مِن عِندِ أبی بَكرٍ أقبَلَت عَلى أميرِ المُؤمِنينَ علیه السلام فَقالَت: يا ابنَ أبی طالِبٍ، اشتَمَلتَ مَشيمَةَ الجَنينِ و قَعَدتَ حُجرَةَ الظَّنينِ، نَقَضتَ قادِمَةَ الأجدَلِ فَخانَکَ ريشُ الأعزَلِ، هَذا ابن أبی قُحافَةَ قَدِ ابتَزَّنی نُحَيلَةَ أبی و بُلَيغَةَ ابنَیَّ، و اللّٰه لَقَد أجَدَّ فی ظُلامَتی و ألَدَّ فی خِصامی، حَتّى مَنَعَتنی قَيلَةُ نَصرَها و المُهاجِرَةُ وَصلَها، و غَضَّتِ الجَماعَةُ دونی طَرفَها، فَلا مانِعَ و لا دافِعَ، خَرَجتُ و اللّٰه كاظِمَةً و عُدتُ راغِمَةً، فَلَيتَنی لا خيارَ لی، لَيتَنی مِتُّ قَبلَ ذِلَّتی و توُفّيتُ قَبلَ مَنِيَّتِی، عَذيری فيکَ اللّٰهُ حامياً و مِنکَ عادياً، وَيلاهُ فی كُلِّ شارِقٍ، وَيلاهُ ماتَ المُعتَمَدُ و وَهَنَ العَضُدُ، شَكوایَ إلى رَبّی و عَدوایَ إلى أبی، اللّهمَّ أنتَ أشَدُّ قوَّةً. فَأجابَها أميرُ المُؤمِنينَ۷: لا وَيلَ لَکِ، بَلِ الوَيلُ لِشانِئِکِ، نَهنِهی مِن غَربِکِ يا بِنتَ الصَّفوَةِ و بَقيةَ النُّبوَّةِ، فَوَ اللّٰه ما وَنَيتُ فی دينی و لا أخطَأْتُ مَقدوری، فإن كُنتِ تَرزَءينَ البُلغَةَ فَرِزقُکِ مَضمونٌ و لَعَيلَتُکِ مأمونٌ، و ما أُعِدَّ لَکِ خَيرٌ مِمّا قُطِعَ عَنکِ، فَاحتَسِبی. فَقالَت: حَسبیَ اللّٰهُ و نِعمَ الوَكيلُ.۱

۱۴۳. دلائل الإمامة: حدّثنی أبو المُفضّل محمّد بن عبد اللّٰه، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمدانی، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عثمان بن سعيد الزيّات، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين العضبانی، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن نصر البزنطی عن السكونی، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن أبان بن تغلب الربعی، عن عِكرَمة، عن ابن عبّاس، قال: لمّا بَلَغَ فاطِمَةَ إجماعُ أبی بَكرٍ عَلى مَنعِ فَدَکَ... و انصِرافُ وَكيلُها عَنها، لاثَت خِمارَها... ثُمَّ أقبَلَت فی لُمّةٍ مِن حَفَدَتِها و نِساءِ قَومِها تَطأ أذيالَها، ما تَخرِمُ مِشيَةَ رَسولِ اللّٰه حَتّى دَخَلَت عَلى أبی بَكرٍ و قَد حَفِلَ حَولَهُ المُهاجِرونَ و الأنصارُ، فَنِيطَت دونَها مُلاءَةٌ، فَأنَّت أنَّةً أجهَشَ لَها القَومُ بِالبُكاءِ، ثُمَّ أمهَلَت حَتّى هَدأت فَورَتُهُم و سَكَنَت رَوعَتُهُم، افتَتَحَت الكَلامَ فَقالَت: أبتَدِئُ بِالحَمدِ لِمَن هوَ أولى بِالحَمدِ و المَجدِ و الطّولِ، الحَمدُ للهِ عَلى ما أنعَمَ، و لَهُ الشُّكرُ عَلى ما ألهَمَ، و الثَّناءُ عَلى ما قَدَّمَ مِن عُمومِ نِعَمٍ ابتَدأها، و سُبُوغِ آلاءٍ أسداها، و إحسانِ مِنَنٍ والاها، جَمَّ عَنِ الإحصاءِ عَدَدُها، و نأى عَنِ

1.. الأمالی، طوسی، ص۶۸۳ ـ ۶۸۴؛ بحار الأنوار، ج۲۹، ص۳۲۳ ـ ۳۲۴.

  • نام منبع :
    میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد حسين مدني
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 25880
صفحه از 303
پرینت  ارسال به