فَيَكوُنُ طَيراً بِإذنِ اللهِ؟ قالَ رَأسُ الجالوتِ: يُقالُ إنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ و لَم نَشهَدهُ، قالَ لَهُ الرِّضا علیه السلام: أ رَأيتَ ما جاءَ بِهِ موسى مِنَ الآياتِ، شاهَدتَهُ؟ أ لَيسَ إنَّما جاءَ في الأخبارِ بِهِ مِن ثِقاتِ أصحابِ موسى أنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قالَ: بَلى، قالَ: فَكَذَلِكَ أتَتكُمُ الأخبارُ المُتَواتِرَةُ بِما فَعَلَ عيسى بنُ مَريَمَ، فَكَيفَ صَدَّقتُم بِموسى و لَم تُصَدِّقوا بِعيسى؟ فَلَم يُحِر جَواباً. قالَ الرِّضا علیه السلام: و كَذَلِكَ أمَرُ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله و ما جاءَ بِهِ، و أمرُ كُلِّ نَبيٍّ بَعَثَهُ اللهُ، و مِن آیاتِهِ أنَّهُ کانَ یَتیماً فَقیراً راعیاً أجیراً، لَم یَتَعَلَّم کِتاباً ولَم یَختَلِف إلی مُعَلِّمٍ، ثُمَّ جاءَ بِالقُرآنِ الَّذی فیه قِصَصُ الأنبياءِ و أخبارُهُم حَرفاً حَرفاً، و أخبارُ مَن مَضى و مَن بَقيَ إلى يَومِ القيامَةِ، ثُمَّ كانَ يُخبِرُهُم بِأسرارِهِم و ما يَعمَلونَ في بُيوتِهِم، و جاءَ بِآياتٍ كَثيرَةٍ لا تُحصى، قالَ رَأس الجالوتِ: لَم يَصِحَّ عِندَنا خَبَرُ عيسى و لا خَبَرُ مُحَمَّدٍ، و لا يَجوزُ لَنا أن نُقِرَّ لَهُما بِما لَم يَصِحَّ. قالَ الرِّضا علیه السلام: فَالشّاهِدُ الَّذي شَهِدَ لِعيسى و لِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله شاهِدُ زُورٍ؟ فَلَم يُحِر جَواباً.
ثُمَّ دَعا علیه السلام بِالهِربِذِ الأكبَرِ فَقالَ لَهُ الرِّضا علیه السلام: أخبِرني، عن زَردهُشتَ الَّذي تَزعُمُ أنَّهُ نَبيٌّ، ما حُجَّتُكَ عَلى نُبُوَّتِهِ؟ قالَ: إنَّهُ أتى بِما لَم يَأتِنا بِهِ أحَدٌ قَبلَهُ و لَم نَشهَدهُ، و لَكِنَّ الأخبارَ مِن أسلافِنا وَرَدَت عَلَينا بِأنَّهُ أحَلَّ لَنا ما لَم يُحِلَّهُ غَيرُهُ فَاتَّبَعناهُ، قالَ علیه السلام: أ فَلَيسَ إنَّما أتَتكُمُ الأخبارُ فَاتَّبَعتُمُوهُ؟ قالَ: بَلى، قالَ: فَكَذَلِكَ سائِرُ الأُمَمِ السّالِفَةِ أتَتهُمُ الأخبارُ بِما أتى بِهِ النَّبيّون و أتى بِهِ موسى و عيسى و مُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله، فَما عُذرُكُم في تَركِ الإقرارِ لَهُم إذ كُنتُم إنَّما أقرَرتُم بِزَردهُشتَ مِن قِبَلِ الأخبارِ المُتَواتِرَةِ بِأنَّهُ جاءَ بِما لَم يَجئ بِهِ غَيرُهُ؟ فَانقَطَع الهِربِذُ مَكانَهُ.
فَقالَ الرِّضا علیه السلام: يا قَومِ، إن كانَ فيكُم أحَدٌ يُخالِفُ الإسلامَ و أرادَ أن يَسألَ فَليَسأل غَيرَ مُحتَشِمٍ. فَقامَ إلَيهِ عِمرانُ الصابِئُ، و كانَ واحِداً في المُتَكَلِّمينَ، فَقالَ: يا عالِمَ النّاسِ، لَو لا أنَّكَ دَعَوتَ إلى مَسألَتِكَ لَم أقدِم عَلَيكَ بِالمَسائِلِ، و لَقَد دَخَلتُ الكوفَةَ و البَصرَةَ و الشّامَ و الجَزيرَةَ، و لَقيتُ المُتَكَلِّمينَ فَلَم أقَع عَلى أحَدٍ يُثبِتُ لي واحِداً لَيسَ غَيرَهُ قائِماً بِوَحدانيَّتِهِ، أ فتَأذَنُ لي أن أسأَلكَ؟ قالَ الرِّضا علیه السلام: إن كانَ في الجَماعَةِ عِمرانُ الصّابِئُ فَأنتَ هوَ، فَقالَ: أنا هوَ، فَقالَ علیه السلام: سَل يا عِمرانُ و عَلَيكَ بِالنَّصَفَةِ و إيّاكَ و