179
میراث مکتوب رضوی

بِحُجَّتِهِ، و يغالِطونَهُ حَتّى يَترُكَ قَولَهُ، فَاحذَرهُم جُعِلتُ فِداكَ.

قالَ: فَتَبَسَّمَ علیه السلام ثُمَّ قالَ: يا نَوفَليُّ، أ تَخافُ أن يَقطَعوا عَلَيَّ حُجَّتي؟‏ قُلتُ: لا و اللّهِ ما خِفتُ عَلَيكَ قَطّ، و إنّي لَأرجو أن يُظفِرَكَ اللّهُ بِهِم إن شاءَ اللّهُ. فَقالَ لي: يا نَوفَليُّ، أ تُحِبُّ أن تَعلَمَ مَتى يَندَمُ المَأمونُ؟ قُلتُ: نَعَم، قالَ: إذا سَمِعَ احتِجاجي عَلى أهلِ التَّوراةِ بِتَوراتِهِم، و عَلى أهلِ الإنجيلِ بإنجيلِهِم، و عَلى أهلِ الزَّبورِ بِزَبورِهِم، و عَلى الصّابِئينَ بِعِبرانيَّتِهِم، و عَلى الهَرابِذَةِ بِفارسيَّتِهِم، و عَلى أهلِ الرّومِ بِروميَّتِهِم، و عَلى أصحابِ المَقالاتِ بِلُغاتِهِم، فَإذا قَطَعتُ كُلَّ صِنفٍ و دَحَضَت حُجَّتُهُ و تَرَكَ مَقالَتَهُ و رَجَعَ إلى قَولي، عَلِمَ المَأمونُ أنَّ المَوضِعَ الَّذي هوَ بِسَبيلِهِ لَيسَ هوَ بِمُستَحَقٍّ لَهُ، فَعِندَ ذَلِكَ تَكونُ النَّدامَةُ مِنهُ، و لا حَولَ و لا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ العَليِّ العَظيمِ.

فَلَمّا أصبَحنا أتانا الفَضلُ بنُ سَهلٍ فَقالَ لَهُ: جُعِلتُ فِداكَ، ابنُ عَمِّكَ يَنتَظِرُكَ و قَد اجتَمَعَ القَومُ، فَما رَأيُكَ في إتيانِهِ؟ فَقالَ لَهُ الرِّضا علیه السلام، تَقَدَّمَني فَإنّي، صائِرٌ إلى ناحيَتِكُم إن شاءَ اللّهُ.

ثُمَّ تَوَضَّأ علیه السلام وُضوءَ الصَّلاةِ، و شَرِبَ شَربَةَ سَويقٍ، و سَقانا مِنهُ، ثُمَّ خَرَجَ و خَرَجنا مَعَهُ حَتّى دَخَلنا عَلى المَأمونِ، فَإذا المَجلِسُ غاصٌّ بِأهلِهِ، و مُحَمَّدُ بنُ جَعفَرٍ في جَماعَةِ الطّالبيِّينَ و الهاشِميِّينَ، و القُوّادُ حُضورٌ، فَلَمّا دَخَلَ الرِّضا علیه السلام قامَ المَأمونُ و قامَ مُحَمَّدُ بنُ جَعفَرٍ و قامَ جَميعُ بَني هاشِمٍ، فَما زالوا وُقوفاً و الرِّضا علیه السلام جالِسٌ مَعَ المَأمونِ حَتّى أمَرَهُم بِالجلوسِ فَجَلَسوا، فَلَم يَزَل المَأمونُ مُقبِلاً عَلَيهِ يُحَدِّثُهُ ساعَةً، ثُمَّ التَفَتَ إلى جاثِليقَ فَقالَ: يا جاثِليقُ هَذا ابنُ عَمّي عَليُّ بنُ موسى بنُ جَعفَرٍ، و هوَ مِن وُلدِ فاطِمَةَ بِنتَ نَبيِّنا و ابنُ عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ علیه السلام، فَأُحِبُّ أن تُكَلِّمَهُ وَ تُحاجَّهُ و تُنصِفَهُ، فَقالَ الجاثِليقُ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، كَيفَ أُحاجُّ رَجُلاً يَحتَجُّ عَلَيَّ بِكِتابٍ أنا مُنكِرُهُ و نَبيٍّ لا أُومِنُ بِهِ؟ فَقالَ لَهُ الرِّضا علیه السلام: يا نَصرانيُّ، فَإن احتَجَجتُ عَلَيكَ بِإنجيلِكَ أ تُقِرُّ بِهِ؟ قالَ الجاثِليقُ: و هَل أقدِرُ عَلى دَفعِ ما نَطَقَ بِهِ الإنجيلُ؟ نَعَم و اللّهِ أُقِرُّ بِهِ عَلى رَغمِ أنفي، فَقالَ لَهُ الرِّضا علیه السلام: سَل عَمّا بَدا لَكَ و افهَم الجَوابَ.

قالَ الجاثِليقُ: ما تَقولُ في نُبُوَّةِ عيسى علیه السلام و كِتابِهِ، هَل تُنكِرُ مِنهُما شَيئاً؟ قالَ


میراث مکتوب رضوی
178

بن عمر بن عَبدِ العزيز الأنصاري الكجي، قالَ: حدّثني من سمع الحَسَن بن محمّد النوفلي ثُمّ الهاشمي يَقولُ: «لَمّا قَدِمَ عَليُّ بنُ موسى الرِّضا علیه السلام إلى المَأمونِ أمَرَ الفَضلَ بنَ سَهلٍ أن يَجمَعَ لَهُ أصحابَ المَقالاتِ، مِثلَ الجاثِليقِ و رَأسِ الجالوتِ و رُؤساءِ الصّابِئينَ و الهِربِذِ الأكبَرِ و أصحابِ زَردُهشتَ و قِسطاسِ الرّوميِّ‏ و المُتَكَلِّمينَ؛ لِيسمَع كَلامَهُ و كَلامَهُم، فَجَمَعَهُم الفَضلُ بنُ سَهلٍ، ثُمَّ أعلَمَ‏ المَأمونَ بِاجتِماعِهِم، فَقالَ: أدخِلهُم عَلَيَّ، فَفَعَلَ فَرَحَّبَ بِهِم المَأمونُ، ثُمَّ قالَ لَهُم: إنّي إنَّما جَمَعتكُمُ لِخَيرٍ، و أحبَبتُ أن تُناظِروا ابنَ عَمّي هَذا المَدَنيَّ القادِمَ عَلَيَّ، فَإذا كانَ بُكرَةً فَاغدوا عَلَيَّ و لا يَتَخَلَّف مِنكُم أحَدٌ. فَقالَوا: السَّمعَ و الطّاعَةَ يا أميرَ المُؤمِنينَ، نَحنُ مُبكِرونَ إن شاءَ اللّهُ.

قالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ النَّوفَليُّ: فَبَينا نَحنُ في حَديثٍ لَنا عِندَ أبي الحَسَنِ الرِّضا علیه السلام، إذ دَخَلَ عَلَينا ياسِرٌ الخادِمُ، و كانَ يَتَوَلّى أمرَ أبي الحَسَنِ علیه السلام، فَقالَ: يا سَيّدي، إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ يُقرِئُكَ السَّلامَ فَيَقولُ: فِداكَ أخوكَ، أنَّهُ اجتَمَعَ إلَيَّ أصحابُ المَقالاتِ و أهلُ الأديانِ و المُتَكَلِّمونَ مِن جَميعِ المِلَلِ، فَرَأيُكَ في البُكورِ عَلَينا إن أحبَبتَ كَلامَهُم،‏ و إن كَرِهتَ كَلامَهُم فَلا تَتَجَشَّم،‏ و إن أحبَبتَ أن نَصيرَ إلَيكَ خَفَّ ذَلِكَ عَلَينا. فَقالَ أبو الحَسَنِ علیه السلام: أبلِغهُ السَّلامَ و قُل لَهُ: قَد عَلِمتُ ما أرَدتَ، و أنا صائِرٌ إلَيكَ بُكرَةً إن شاءَ اللّهُ.

قالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ النَّوفَليُّ: فَلَمّا مَضى ياسِرٌ التَفَتَ إلَينا ثُمَّ قالَ لي: يا نَوفَليُّ، أنتَ عِراقيٌّ، و رِقَّةُ العِراقيِّ غَيرُ غَليظَةٍ، فَما عِندَكَ في جَمعِ ابنِ عَمِّكَ عَلَينا أهلَ الشِّركِ و أصحابَ المَقالاتِ؟ فَقُلتُ: جُعِلتُ فِداكَ، يُريدُ الامتِحانَ، و يُحِبُّ أن يَعرِفَ ما عِندَكَ، و لَقَد بَنى عَلى أساسٍ غَيرِ وَثيقِ البُنيانِ، و بِئسَ و اللّهِ ما بَنى. فَقالَ لي: و ما بِناؤُهُ في هَذا البابِ؟ قُلتُ: إنَّ أصحابَ البِدَعِ و الكَلامِ خِلافُ العُلَماءِ، و ذَلِكَ أنَّ العالِمَ لا يُنكِرُ غَيرَ المُنكَرِ، و أصحابُ المَقالاتِ و المُتَكَلِّمونَ و أهلُ الشِّركِ أصحابُ إنكارٍ و مُباهَتَةٍ، و إن احتَجَجتَ عَلَيهِم إنَّ اللّهَ واحِدٌ قالوا: صَحِّح وَحدانيَّتَهُ، و إن قُلتَ: إنَّ مُحَمّداً صلی الله علیه و آله رَسولُ اللّهِ، قالوا: أثبِت رِسالَتَهُ، ثُمَّ يُباهِتونَ الرَّجُلَ و هوَ يُبطِلُ عَلَيهم

  • نام منبع :
    میراث مکتوب رضوی
    سایر پدیدآورندگان :
    سیدمصطفی مطهری و رضا یاری نیا
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9786
صفحه از 212
پرینت  ارسال به