و الاستِخفافٌ بِذَلِكَ دُخولٌ في الكُفرِ.
و عِلَّةُ تَحريمِ الرِّبا بِالنِّسيَةِ لِعِلَّةِ ذَهابِ المَعروفِ و تَلَفِ الأموالِ، و رَغبَةِ النّاسِ في الرِّبحِ و تَركِهِم القَرضَ و الفَرضَ و صَنائِعَ المَعروفِ، و لِما في ذَلِكَ مِنَ الفَسادِ و الظُّلمِ و فَناءِ الأموالِ.
و حَرَّمَ الخِنزيرَ لِأنَّهُ مُشَوَّهٌ، جَعَلَهُ اللهُ عزّ و جلّ عِظَةً لِلخَلقِ و عِبرَةً و تَخويفاً و دَليلاً على ما مَسَخَ عَلى خِلقَتِهِ؛ و لِأنَّ غِذاءَهُ أقذَرَ الأقذارِ، مَعَ عِلَلٍ كَثيرَةٍ.
و كَذَلِكَ حَرَّمَ القِردَ لِأنَّهُ مُسِخَ مِثلُ الخِنزيرِ، و جُعِلَ عِظَةً و عِبرَةً لِلخَلقِ، و دَليلاً عَلى ما مُسِخَ عَلى خِلقَتِهِ و صورَتِهِ، و جَعَلَ فِيهِ شِبهاً مِنَ الإنسانِ؛ لِيَدُلَّ عَلى أنَّهُ مِنَ الخَلقِ المَغضوبِ عَلَيهِمِ. و حُرِّمَت المَيتَةُ لِما فيها مِن فَسادِ الأبدانِ و الآفَةِ، و لِما أرادَ اللهُ عزّ و جلّ أن يَجعَلَ تَسمِيَتَهُ سَبَباً لِلتَّحليلِ و فَرقاً بَينَ الحَلالِ و الحَرامِ.
و حَرَّمَ اللهُ عزّ و جلّ الدَّمَ كَتَحريمِ المَيتَةِ؛ لِما فِيهِ مِن فَسادِ الأبدانِ، و لِأنَّهُ يُورِثُ الماءَ الأصفَرَ، و يُبخِرُ الفَمَ و يُنَتِّنُ الرّيحُ، و يُسيءُ الخُلُقَ و يُورِثُ القَسوَةَ لِلقَلبِ، و قِلَّةِ الرَّأفَةِ و الرَّحمَةِ حَتّى لا يُؤمَنُ أن يَقتُلَ والِدَهُ و صاحِبَهُ.
و حَرَّمَ الطِّحالَ لِما فِيهِ مِنَ الدَّمِ؛ و لِأنَّ عِلَّتَهُ و عِلَّةُ الدَّمِ و المَيتَةِ واحِدَةٌ، لِأنَّهُ يَجري مَجراها في الفَسادِ.
و عِلَّةُ المَهرِ و وُجوبِهِ عَلى الرِّجالِ و لا يَجِبُ عَلى النِّساءِ أن يُعطينَ أزواجَهُنَّ، لِأنَّ لِلرَّجُلِ مؤونَةَ المَرأةِ؛ و لِأنَّ المَرأةَ بائِعَةٌ نَفسَها و الرَّجُلَ مُشتَرٍ، و لا يَكونُ البَيعُ إلّا بِثَمَنٍ و لا الشِّراءُ بِغَيرِ إعطاءِ الثَّمَنِ، مَعَ أنَّ النِّساءَ مَحظوراتٌ عن التَّعامُلِ و المَتجَرِ، مَعَ عِلَلٍ كَثيرَةٍ.
و عِلَّةُ التَّزويجِ لِلرَّجُلِ أربَعَةَ نِسوَةٍ و تَحريمِ أن تَتَزَوَّجَ المَرأةُ أكثَرَ مِن واحِدٍ؛ لِأنَّ الرَّجُلَ إذا تَزَوَّجَ أربَعَ نِسوَةٍ كانَ الوَلَدُ مَنسوباً إلَيهِ، و المَرأةُ لَو كانَ لَها زَوجانِ و أكثَرُ مِن ذَلِكَ لَم يُعرَفِ الوَلَدُ لِمَن هوَ؛ إذ هُم مُشتَرِكونَ في نِكاحِها، و في ذَلِكَ فَسادُ الأنسابِ و المَواريثِ و المَعارِفِ.
و عِلَّةُ التَّزويجِ [تَزويجِ] العَبدِ اثنَتَينِ لا أكثرَ مِنهُ لِأنَّهُ نِصفُ رَجُلٍ حُرٍّ في الطَّلاقِ و النِّكاحِ، لا يَملِكُ نَفسَهُ و لا لَهُ مالٌ؛ إنَّما يُنفِقُ مَولاهُ عَلَيهِ، و لِيَكونَ ذَلِكَ فَرقاً بَينَهُ و بَينَ