115
میراث مکتوب رضوی

و الاستِخفافٌ بِذَلِكَ دُخولٌ في الكُفرِ.

و عِلَّةُ تَحريمِ الرِّبا بِالنِّسيَةِ لِعِلَّةِ ذَهابِ المَعروفِ و تَلَفِ الأموالِ، و رَغبَةِ النّاسِ في الرِّبحِ و تَركِهِم القَرضَ و الفَرضَ و صَنائِعَ المَعروفِ، و لِما في ذَلِكَ مِنَ الفَسادِ و الظُّلمِ و فَناءِ الأموالِ.

و حَرَّمَ الخِنزيرَ لِأنَّهُ مُشَوَّهٌ، جَعَلَهُ اللهُ عزّ و جلّ عِظَةً لِلخَلقِ و عِبرَةً و تَخويفاً و دَليلاً على ما مَسَخَ عَلى خِلقَتِهِ؛ و لِأنَّ غِذاءَهُ أقذَرَ الأقذارِ، مَعَ عِلَلٍ كَثيرَةٍ.

و كَذَلِكَ حَرَّمَ القِردَ لِأنَّهُ مُسِخَ مِثلُ الخِنزيرِ، و جُعِلَ عِظَةً و عِبرَةً لِلخَلقِ، و دَليلاً عَلى ما مُسِخَ عَلى خِلقَتِهِ و صورَتِهِ، و جَعَلَ فِيهِ شِبهاً مِنَ الإنسانِ؛ لِيَدُلَّ عَلى أنَّهُ مِنَ الخَلقِ المَغضوبِ عَلَيهِمِ. و حُرِّمَت المَيتَةُ لِما فيها مِن فَسادِ الأبدانِ و الآفَةِ، و لِما أرادَ اللهُ عزّ و جلّ أن يَجعَلَ تَسمِيَتَهُ سَبَباً لِلتَّحليلِ و فَرقاً بَينَ الحَلالِ و الحَرامِ.

و حَرَّمَ اللهُ عزّ و جلّ الدَّمَ كَتَحريمِ المَيتَةِ؛ لِما فِيهِ مِن فَسادِ الأبدانِ، و لِأنَّهُ يُورِثُ الماءَ الأصفَرَ، و يُبخِرُ الفَمَ و يُنَتِّنُ الرّيحُ، و يُسي‏ءُ الخُلُقَ و يُورِثُ القَسوَةَ لِلقَلبِ، و قِلَّةِ الرَّأفَةِ و الرَّحمَةِ حَتّى لا يُؤمَنُ أن يَقتُلَ والِدَهُ و صاحِبَهُ.

و حَرَّمَ الطِّحالَ لِما فِيهِ مِنَ الدَّمِ؛ و لِأنَّ عِلَّتَهُ و عِلَّةُ الدَّمِ و المَيتَةِ واحِدَةٌ، لِأنَّهُ يَجري مَجراها في الفَسادِ.

و عِلَّةُ المَهرِ و وُجوبِهِ عَلى الرِّجالِ و لا يَجِبُ عَلى النِّساءِ أن يُعطينَ أزواجَهُنَّ، لِأنَّ لِلرَّجُلِ مؤونَةَ المَرأةِ؛ و لِأنَّ المَرأةَ بائِعَةٌ نَفسَها و الرَّجُلَ مُشتَرٍ، و لا يَكونُ البَيعُ‏ إلّا بِثَمَنٍ و لا الشِّراءُ بِغَيرِ إعطاءِ الثَّمَنِ، مَعَ أنَّ النِّساءَ مَحظوراتٌ عن التَّعامُلِ و المَتجَرِ، مَعَ عِلَلٍ كَثيرَةٍ.

و عِلَّةُ التَّزويجِ لِلرَّجُلِ أربَعَةَ نِسوَةٍ و تَحريمِ أن تَتَزَوَّجَ المَرأةُ أكثَرَ مِن واحِدٍ؛ لِأنَّ الرَّجُلَ إذا تَزَوَّجَ أربَعَ نِسوَةٍ كانَ الوَلَدُ مَنسوباً إلَيهِ، و المَرأةُ لَو كانَ لَها زَوجانِ و أكثَرُ مِن ذَلِكَ لَم يُعرَفِ الوَلَدُ لِمَن هوَ؛ إذ هُم مُشتَرِكونَ في نِكاحِها، و في ذَلِكَ فَسادُ الأنسابِ و المَواريثِ و المَعارِفِ.

و عِلَّةُ التَّزويجِ [تَزويجِ] العَبدِ اثنَتَينِ لا أكثرَ مِنهُ لِأنَّهُ نِصفُ رَجُلٍ حُرٍّ في الطَّلاقِ و النِّكاحِ، لا يَملِكُ نَفسَهُ و لا لَهُ مالٌ؛ إنَّما يُنفِقُ مَولاهُ عَلَيهِ، و لِيَكونَ ذَلِكَ فَرقاً بَينَهُ و بَينَ


میراث مکتوب رضوی
114

غَيرِهِ مِنَ الفَسادِ.

و حَرَّمَ التَّعَرُّب بَعدَ الهِجرَةِ لِلرُّجوعِ عن الدّينِ، و تَركِ مُؤازَرَةِ الأنبياءِ و الحُجَجِ علیهم السلام و ما في ذَلِكَ مِنَ الفَسادِ و إبطالِ حَقِّ كُلِّ ذي حَقٍّ، لا لِعِلَّةِ سُكنى البَدوِ، و كَذَلِكَ لَو عُرِفَ بِالرَّجُلِ الدِّينِ كامِلاً لَم يَجزُ لَهُ مُساكَنَةُ أهلِ الجَهلِ و الخَوفِ عَلَيهِم؛ لِأنَّهُ لا يُؤمَنُ أن يَقَعَ مِنهُ تَركُ العِلمِ و الدُّخولِ مَعَ أهلِ الجَهلِ و التَّمادي في ذَلِكَ.

و حَرَّمَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيرِ اللهِ‏ لَلَّذي أوجَبَ اللهُ عزّ و جلّ عَلى خَلقِهِ مِنَ الإقرارِ بِهِ و ذِكرِ اسمِهِ عَلى الذَّبائِحِ المُحَلَّلَةِ، و لِئَلّا يُسَوّيَ بَينَ ما تُقُرِّبَ بِهِ إلَيهِ و بَينَ ما جُعِلَ عِبادَةً لِلشَّياطينِ و الأوثانِ؛ لِأنَّ في تَسمِيَةِ اللهِ عزّ و جلّ الإقرارَ بِرُبوبيّتِهِ و تَوحيدِهِ، و ما في الإهلالِ لِغَيرِ اللهِ مِنَ الشِّركِ بِهِ و التَّقَرُّبِ بِهِ إلى غَيرِهِ، لِيَكونَ ذِكرُ اللهِ و تَسمِيَتُهُ عَلى الذَّبيحَةِ فَرقاً بَينَ ما أحَلَّ اللهُ و بَينَ ما حَرَّمَ اللهِ.

و حَرَّمَ سِباعَ الطَّيرِ و الوَحشِ كُلِّها لِأكلِها مِنَ الجِيَفِ و لُحومِ النّاسِ و العَذِرَةِ و ما أشبَهَ ذَلِكَ، فَجَعَلَ اللهُ عزّ و جلّ دَلائِلَ ما أحَلَّ مِنَ الوَحشِ و الطَّيرِ و ما حَرَّمَ، كَما قالَ أبي علیه السلام: «كُلُّ ذي نابٍ مِنَ السِّباعِ و ذي مِخلَبٍ مِنَ الطَّيرِ حَرامٌ، و كُلُّ ما كانَت لَهُ قانِصَةٌ مِنَ الطَّيرِ فَحَلالٌ». و عِلَّةُ أخرى يُفَرِّقُ بَينَ ما أُحِلَّ مِنَ الطَّيرِ و ما حُرِّمَ قَولُهُ علیه السلام: «كُلِّ ما دَفَّ و لا تَأكُل ما صَفَّ».

و حَرَّمَ الأرنَبَ لِأنَّها بِمَنزِلَةِ السِّنَّورِ، و لَها مَخاليبُ كَمَخاليبِ السِّنَّورِ و سِباعِ الوَحشِ فَجَرَت مَجراها مَعَ قَذَرِها في نَفسِها و ما يَكونُ مِنها مِنَ الدَّمِ كَما يَكونُ مِنَ النِّساءِ، لِأنَّها مَسخٌ.

و عِلَّةُ تَحريمِ الرِّبا إنَّما نَهى اللهُ عَنهُ لِما فِيهِ مِنَ فَسادِ الأموالِ؛ لِأنَّ الإنسانَ إذا اشتَرى الدِّرهَم بِالدِّرهَمَينِ كانَ ثَمَنُ الدِّرهَمِ دِرهَماً و ثَمَنُ الآخَرِ باطِلاً، فَبَيعُ الرِّبا وَكسٌ‏ عَلى كُلِّ حالٍ، عَلى المُشتَري و عَلى البائِعِ، فَحَرَّمَ اللهُ تَبارَكَ و تَعالى الرِّبا لِعِلَّةِ فَسادِ الأموالِ، كَما حَظَرَ عَلى السَّفيهِ أن يُدفَعَ مالُهُ إلَيهِ؛ لِما يُتَخَوَّفُ عَلَيهِ مِن إفسادِهِ حَتّى يُؤنَسَ مِنهُ رُشدُهُ فَلِهَذِهِ العِلَّةِ حَرَّمَ اللهُ الرِّبا و بَيعَ الدِّرهَمِ بِالدِّرهَمَينِ يَداً بِيَدٍ.

و عِلَّةُ تَحريمِ الرِّبا بَعدَ البَيِّنَةِ لِما فِيهِ مِنَ الاستِخفافِ بِالحَرامِ المُحَرَّمِ، و هيَ كَبيرَةٌ بَعدَ البَيانِ و تَحريمِ اللهِ تَعالى لَها، و لَم يَكُن ذَلِكَ مِنهُ إلّا استِخفافٌ بِالتَّحريمِ لِلحَرامِ،

  • نام منبع :
    میراث مکتوب رضوی
    سایر پدیدآورندگان :
    سیدمصطفی مطهری و رضا یاری نیا
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1395
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9024
صفحه از 212
پرینت  ارسال به