فقال عبيد اللّه: ما أنتَ والأمان؟! كأنّا أرسلناك تؤمنه؟! إنّما أرسلناك لتأتينا به، فسكت.
و انتهى ابن عقيل إلى باب القصر وهو عطشان، وعلى باب القصر ناس جلوس ينتظرون الإذن، منهم: عمارة بن عقبة بن أبي معيط، وعمرو بن حريث، ومسلم بن عمرو، وكثير بن شهاب.
۵ / ۳۷۶
قال أبو مخنف: فحدّثني قدامة بن سعد، أنّ مسلم بن عقيل حين انتهى إلى باب القصر فإذا قلّة باردة موضوعة على الباب، فقال ابن عقيل:
اسقوني من هذا الماء، فقال له مسلم بن عمرو: أَ تَراها ما أبردها! لا واللّه، لا تذوق منها قطرة أبداً حتّى تذوق الحميم في نار جهنّم!
قال له ابن عقيل: ويحك! مَن أنت؟ قال: أنا ابن من عرف الحقّ إذ أنكرته، ونَصَحَ لإمامِهِ إذ غششتَه، وسمع وأطاع إذ عصيته وخالفت، أنا مسلم بن عمرو الباهلي.
فقال ابن عقيل: لاُمّك الثكل! ما أجفاكَ، وما أفظّكَ، وأقسى قلبَكَ وأغلَظَكَ! أنت يا بن باهله أولى بالحميم والخلود في نار جهنّم منّي، ثمّ جلس متسانداً إلى حائط.
قال أبو مخنف: فحدّثني قدامة بن سعد أنّ عمرو بن حريث بعث غلاماً يدعى: سليمان، فجاءه بماء في قلّة فسقاه.
قال أبو مخنف: وحدّثني سعيد بن مدرك بن عمارة، أنّ عمارة بن عقبة بعث غلاماً له يدعى: قيساً، فجاءه بقلّة عليها منديل ومعه قدح، فصبّ فيه ماء، ثمّ سقاه، فأخذ كلّما شرب امتلأ القدح دماً، فلمّا ملأ القدح المرّة الثالثة ذهب ليشرب فسقطت ثنيتاه فيه، فقال: الحمد للّه! لو كان لي من الرزق المقسوم شربته.