ترى من جزعي لذلك، فيقول:
إنّ ابن عقيل بعثني إليك، وهو في أيدي القوم أسير لا يرى أن تمشي حتّى تُقتل، وهو يقول: ارجع بأهل بيتك، ولا يغرّك أهلُ الكوفة، فإنّهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل، إنّ أهل الكوفة قد كذّبوك وكذّبوني، وليس لمكذّب رأي.
فقال ابن الأشعث: واللّه، لأفعلنّ، ولاُعلمنّ ابن زياد أنّي قد آمنتك.
قال أبو مخنف: فحدّثني جعفر بن حذيفة الطائي وقد عرف سعيد بن شيبان الحديث ـ قال: دعا محمّد بن الأشعث أياس بن العثل الطائي من بني مالك بن عمرو بن ثمامة وكان شاعراً، وكان لمحمّد زوّاراً فقال له: القِ حسيناً فأبلغه هذا الكتاب، وكتب فيه الذي أمره ابن عقيل، وقال له: هذا زادك وجهازك، ومتعة لعيالك، فقال: من أين لي براحلة، فإنّ راحلتي قد أَنضَيتُها؟ قال: هذه راحلة فاركبها برحلها، ثمّ خرج فاستقبله بزبالة لأربع ليال، فأخبره الخبر، وبلّغه الرسالة، فقال له حسين: كلّ ما حُمَّ نازل، وعند اللّه نحتسب أنفسنا وفساد اُمّتنا.
و قد كان مسلم بن عقيل حيث تحوّل إلى دار هانئ بن عروة وبايعه ثمانية عشر ألفاً، قدّم كتاباً إلى حسين مع عابس بن أبي شبيب الشاكري:
أمّا بعد؛ فإنّ الرائد لا يَكذِبُ أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً، فعجّل الإقبال حين يأتيك كتابي، فإنّ الناسَ كُلَّهم معك، ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى، والسلام.
و أقبل محمّد بن الأشعث بابن عقيل إلى باب القصر، فاستأذن فأذن له، فاُخبر عبيد اللّه خبرَ ابن عقيل وضرب بكير إيّاه، فقال: بعداً له! فأخبره محمّد بن الأشعث بما كان منه وما كان من أمانه إيّاه.