وقام إليه رجل يقال له: زهير بن القين البجلي، فقال: يا بن رسول اللّه، وددت أنّي قتلت ثمّ نشرت، ثمّ قتلت ثمّ نشرت، ثمّ قتلت ثمّ نشرت فيك وفي الذين معك مئة قتلة، وأنّ اللّه دفع بي عنكم أهل البيت.
فقال له ولأصحابه: جزيتم خيراً.
۲۱۴
ثمّ إن الحسين عليهالسلام أمر بحفيرة فحفرت حول عسكره شبه الخندق، وأمر فحشيت حطباً، وأرسل عليّا ابنه عليهالسلام في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ليستقوا الماء، وهم على وجل شديد، وأنشأ الحسين عليهالسلام يقول:
يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ
كَم لَكَ في الإشراقِ وَالأَصيلِ
مِن طالبٍ وَصاحِبٍ قَتيلِ
والدَهرُ لا يَقنعُ بالبَديلِ
وإنّما الأمرُ إِلى الجَليلِ
وكُلّ حَيٍّ سالِكٌ سبيلي
ثمّ قال لأصحابه: قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم، وتوضّؤوا واغتسلوا، واغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم.
ثمّ صلّى بهم الفجر وعبّأهم تعبئة الحرب، وأمر بحفيرته التي حول عسكره فاُضرمت بالنار، ليقاتل القوم من وجه واحد.
وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له، يقال له: ابن أبي جويرية المزني، فلمّا نظر إلى النار تتّقد صفق بيده، ونادى: يا حسين وأصحاب حسين، أبشروا بالنار، فقد تعجّلتموها في الدنيا! فقال الحسين عليهالسلام: مَن الرجل؟ فقيل: ابن أبي جويرية المزني، فقال الحسين عليهالسلام: الّلهمّ أذقه عذاب النار في الدنيا، فنفر به فرسه وألقاه في تلك النار فاحترق.