فأقبل عبيد اللّه بن زياد بعسكره حتّى عسكر بالنخيلة، وبعث إلى الحسين عليهالسلام رجلاً يقال له: عمر بن سعد، قائده في أربعة آلاف فارس، وأقبل عبداللّه بن ۲۱۳
الحصين التميمي في ألف فارس، يتبعه شبث بن ربعي في ألف فارس، ومحمّد بن الأشعث بن قيس الكندي أيضا في ألف فارس، وكتب لعمر بن سعد على الناس، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوه.
فبلغ عبيد اللّه بن زياد أنّ عمر بن سعد يسامر الحسين عليهالسلام ويحدّثه ويكره قتاله، فوجّه إليه شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف فارس، وكتب إلى عمر بن سعد: إذا أتاك كتابي هذا، فلا تمهلنَّ الحسين بن عليّ، وخذ بكظمه، وحل بين الماء وبينه، كما حيل بين عثمان وبين الماء يوم الدار.
فلمّا وصل الكتاب إلى عمر بن سعد (لعنه اللّه)، أمر مناديه فنادى: إنّا قد أجلّنا حسيناً وأصحابه يومهم وليلتهم، فشقّ ذلك على الحسين عليهالسلام وعلى أصحابه، فقام الحسين عليهالسلام في أصحابه خطيباً، فقال:
الّلهمّ إنّي لا أعرف أهل بيت أبرّ ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي، ولا أصحاباً هم خير من أصحابي، وقد نزل بي ما قد ترون، وأنتم في حلّ من بيعتي، ليست لي في أعناقكم بيعة، ولا لي عليكم ذمّة، وهذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً، وتفرّقوا في سواده، فإنّ القوم إنّما يطلبونني، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري.
فقام إليه عبداللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب، فقال: يا بن رسول اللّه، ماذا يقول لنا الناس إن نحن خذلنا شيخنا وكبيرنا وسيّدنا وابن سيّد الأعمام، وابن نبيّنا سيّد الأنبياء، لم نضرب معه بسيف، ولم نقاتل معه برمح؟! لا واللّه، أو نرد موردك، ونجعل أنفسنا دون نفسك، ودماءنا دون دمك، فإذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا وخرجنا ممّا لزمنا.