وفي تلك البلدة كنائس كثيرة، أعظمها كنيسة تسمّى كنيسة الحافر، في محرابها حقّة ذهب معلّقة، فيها حافر يقولون: إنّه حافر حمار كان يركبه عيسى، وقد زيّنوا حول الحقّة بالذهب والديباج، يقصدها في كلّ عام عالم من النصارى، ويطوفون حولها ويقبّلونها ويرفعون حوائجهم إلى اللّه تعالى عندها.
هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون أنّه حافر حمار كان يركبه عيسى نبيّهم، وأنتم تقتلون ابن ابنة نبيّكم!! فلا بارك اللّه فيكم ولا في دينكم.
فقال يزيد: اقتلوا هذا النصراني لئلاّ يفضحني في بلاده. فلمّا أحسّ النصراني بذلك، قال له: أتريد أن تقتلني؟ قال: نعم.
قال: اعلم أنّي رأيت البارحة نبيّكم في المنام يقول: يا نصراني أنت من أهل الجنّة، فتعجّبت من كلامه، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً رسول اللّه، ثمّ وَثَبَ إلى رأس الحسين عليهالسلام، وضمّه إلى صدره، وجعل يقبله ويبكي حتّى قُتِلَ.
قال: وخرج زين العابدين عليهالسلام يوماً يمشي في أسواق دمشق، فاستقبله المنهال بن عمرو، فقال: كيف أمسيت يا بن رسول اللّه؟
۲۲۲
قال: أمسينا كمثل بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم.
يا منهال، أمست العرب تفتخر على العجم بأنّ محمّداً عربي، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأنّ محمّداً منها، وأمسينا معشر أهل بيته ونحن مغصوبون مقتولون مشرّدون، فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون ممّا أمسينا فيه يا منهال.
وللّه درّ مهيار حيث يقول:
يُعَظِمّونَ لَهُ أَعوادَ مِنبَرِهِ
وَتَحتَ أقدامِهِم أَولادُهُ وَضَعوا
بَأيِّ حُكمٍ بَنوهَ يَتبَعونَكُم
وَفَخرُكُم أَنَّكُم صَحبٌ له تَبَعٌ