قال الراوي: ودعا يزيد (لعنه اللّه) بالخاطب، وأمره أن يصعد المنبر فيذمّ الحسين وأباه صلوات اللّه عليهما، فصعد، وبالغ في ذمّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب والحسين الشهيد، والمدح لمعاوية ويزيد.
فصاح به عليّ بن الحسين عليهالسلام: ويلك أيها الخاطب! اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فتبوّأ مقعدك من النار.
ولقد أحسن ابن سنان الخفاجي في وصف أمير المؤمنين صلوات اللّه وسلامه عليه وأولاده، حيث يقول:
أَعَلَى المَنابِرِ تعلنونَ بِسَبِّهِ
وَبِسَيفِهِ نُصِبَت لَكُم أَعوادُها
قال الراوي: ووعد يزيد (لعنه اللّه) عليّ بن الحسين عليهالسلام في ذلك اليوم أنّه يقضي له ثلاث حاجات.
ثمّ أمر بهم إلى منزل لا يكنّهم من حرّ ولا بردٍ، فأقاموا فيه حتّى تقشرّت وجوههم، وكانوا مدّة مقامهم في البلد المشار إليه ينوحون على الحسين عليهالسلام.
۲۱۹
قالت سكينة: فلمّا كان في اليوم الرابع من مقامنا رأيت في المنام، وذكرت مناماً طويلاً تقول في آخره: ورأيت امرأة راكبة في هودج ويدها موضوعة على رأسها، فسألت عنها، فقيل لي: فاطمة ابنة محمّد اُمّ أبيك.
فقلت: واللّه، لأنطلقن إليها ولأخبرنّها ما صنع بنا، فسعيت مبادرة نحوها، حتّى لحقت بها ووقفت بين يديها أبكي وأقول: يا اُمّتاه جحدوا واللّه حقّنا، يا اُمّتاه بدّدوا واللّه شملنا، يا اُمّتاه استباحوا واللّه حريمنا، يا اُمّتاه قتلوا واللّه الحسين أبانا.
فقالت لي: كفّي صوتك يا سكينة، فقد قطّعت نياط قلبي، وأقرحت كبدي، هذا قميص أبيك الحسين لا يفارقني حتّى ألقى اللّه به.
وروى ابن لهيعة، عن أبي الأسود محمّد بن عبد الرحمن، قال: لقيني رأس الجالوت فقال: واللّه، إنّ بيني وبين داود عليهالسلام سبعين أباً، وإنّ اليهود تلقاني فتعظّمني، وأنتم ليس بينكم وبين نبيّكم إلاّ أب واحد قتلتم ولده؟!