فقال ابن زياد: واللّه، لا سألتك عن شيء أو تذوق الموت غصّة بعد غصّة.
فقال عبداللّه بن عفيف: الحمد للّه ربّ العالمين، أما أنّي قد كنت أسأل اللّه ربّي أن يرزقني الشهادة من قبل أن تلدك اُمّك، وسألت اللّه أن يجعل ذلك على يدي ألعن خلقه وأبغضهم إليه، فلمّا كفّ بصري يئست من الشهادة، والآن فالحمد للّه الذي رزقنيها بعد اليأس منها، وعرّفني الإجابة بمنّه في قديم دعائي.
۲۰۶
فقال ابن زياد: اضربوا عنقه، فضربت عنقه وصلب في السبخة.
قال الراوي: وكتب عبيد اللّه بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بقتل الحسين وخبر أهل بيته، وكتب أيضاً إلى عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة بمثل ذلك.
فأمّا عمرو فحين وصله الخبر صعد المنبر وخطب الناس وأعلمهم ذلك، فعظمت واعية بني هاشم، وأقاموا سنن المصائب والآمتم، وكانت زينب بنت عقيل بن أبي طالب تندب الحسين عليهالسلام وتقول:
ماذا تَقولونَ إذ قَالَ النَبِيُّ لَكُم
ماذا فَعَلتُم وأَنتُم آخِرُ الاُمَمِ
بِعِترَتي وَبِأَهلي بَعدَ مُفتَقَدِي
مِنهُم اُسارى وَمِنهُم ضُرَّجوا بِدَمِ
ماكانَ هذا جَزائي إذ نَصَحتُ لَكُم
أَن تَخلِفوني بِسوء في ذوي رَحِمي
۲۰۷
قال: فلمّا جاء الليل سمع أهل المدينة هاتفاً ينادي ويقول:
أَيُّها القاتِلونَ ظُلماً حُسَيناً
أبشِروا بالعَذابِ والتَنكيلِ
كُلُّ مَن في السماء يَبكي عَلَيه
مَن نَبِيٍّ وشاهِدٍ وَرَسولِ
قَد لُعِنتُم عَلى لِسانِ ابنِ داودَ
وَموسى وَصاحبِ الإِنجيلِ
وأمّا يزيد بن معاوية، فإنّه لمّا وصل إليه كتاب ابن زياد ووقف عليه أعاد الجواب إليه يأمره فيه بحمل رأس الحسين عليهالسلام ورؤوس مَن قتل معه، وبحمل أثقاله ونسائه وعياله.