قال الراوي: وجاء هؤاء العشرة حتّى وقفوا على ابن زياد (لعنه اللّه) فقال أسيد بن مالك أحد العشرة:
نَحنُ رَضَضنا الصَدرَ بَعدَ الظَهَرِ
بِكُلِّ يعبوبٍ شَديدِ الأسرِ
فقال ابن زياد (لعنه اللّه): من أنتم؟ قالوا: نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتّى طحنّا حناجر صدره.
قال: فأمر لهم بجائزة يسيرة.
قال أبو عمر الزاهد: فنظرنا في هؤاء العشرة، فوجدناهم جميعاً أولاد زنا. وهؤاء أخذهم المختار، فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد، وأوطأ الخيل ظهورهم حتّى هلكوا.
وروى ابن رباح، قال: لقيت رجلاً مكفوفاً قد شهد قتل الحسين عليهالسلام، فسئل عن ذهاب بصره؟ فقال: كنت شهدت قتله عاشر عشرة، غير أنّي لم أطعن ولم أضرب ۱۸۴
ولم أرم، فلمّا قتل رجعت إلى منزلي وصلّيت العشاء الآخرة ونمت، فأتاني آتٍ في منامي، فقال: أجب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله.
فقلت: مالي وله! فأخذ بتلابيبي وجرّني إليه، فإذا النبيّ صلىاللهعليهوآله جالس في صحراء، حاسر عن ذراعيه، آخذ بحربة، وملك قائم بين يديه وفي يده سيف من نار يقتل أصحابي التسعة، فلمّا ضرب ضربة التهبت أنفسهم ناراً.
فدنوت منه وجثوت بين يديه وقلت: السلام عليك يا رسول اللّه، فلم يردّ عليّ، ومكث طويلاً، ثمّ رفع رأسه وقال: يا عدوّ اللّه! انتهكت حرمتي، وقتلت عترتي، ولم ترعَ حقّي، وفعلت ما فعلت.
فقلت: يا رسول اللّه، واللّه، ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم.
فقال: صدقت، ولكن كثّرت السواد، ادن منّي، فدنوت منه، فإذا طشت مملوّ دماً، فقال لي: هذا دم ولدي الحسين عليهالسلام، فكحّلني من ذلك الدم، فانتبهت حتّى الساعة لا أبصر شيئاً.