قال: فعزّاها الحسين عليهالسلام وقال لها: يا اُختاه، تعزّي بعزاء اللّه، فإنّ سكّان السموات يموتون، وأهل الأرض لا يبقون، وجميع البريّة يهلكون.
ثمّ قال: يا اُختاه يا اُمّ كلثوم، وأنت يا زينب، وأنت يا رقيّة، وأنت يا فاطمة، وأنت يا رباب، انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليَّ جيباً، ولا تخمشن عليَّ وجهاً، ولا تقلن عليَّ هجراً.
وروي من طريق آخر: أنّ زينب لمّا سمعت الأبيات وكانت في موضع منفرد عنه مع النساء والبنات خرجت حاسرة تجرّ ثوبها، حتّى وقفت عليه وقالت: ۱۴۲
واثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة! اليوم ماتت اُمّي فاطمة الزهراء، وأبي عليّ المرتضى، وأخي الحسن الزكي، يا خليفة الماضين وثمال الباقين!
فنظر الحسين عليهالسلام إليها وقال: يا اُختاه لا يذهبنّ حلمك، فقالت: بأبي أنت واُمّي أَسَتُقتَل؟! نفسي لك الفداء.
فردّ غصّته وتغرغرت عيناه بالدموع، ثمّ قال: هيهات هيهات، لو ترك القطا ليلاً لنام.
فقالت: يا ويلتاه! أَفَتَغتَصِبُ نفسك اغتصاباً، فذلك أقرح لقلبي وأشدّ على نفسي! ثمّ أهوت إلى جيبها فشقّته وخرّت مغشيّاً عليها.
فقام عليهالسلام فصبّ على وجهها الماء حتّى أفاقت، ثمّ عزّاها عليهالسلام بجهده، وذكّرها المصيبة بموت أبيه وجدّه صلوات اللّه عليهم أجمعين.
وممّا يمكن أن يكون سبباً لحمل الحسين عليهالسلام لحرمه معه ولعياله: أنّه لو تركهنّ بالحجاز أو غيرها من البلاد كان يزيد بن معاوية (لعنه اللّه) أرسل من أخذهنّ إليه، وصنع بهنّ من الاستيصال وسوء الأعمال ما يمنع الحسين عليهالسلام من الجهاد والشهادة، ويمتنع عليهالسلام بأخذ يزيد بن معاوية لهنّ عن مقام السعادة.