فقال عليهالسلام: صدق أخو بني أسد، إنّ اللّه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
قال الراوي: ثمّ سار عليهالسلام حتّى أتى الثعلبية وقت الظهيرة، فوضع رأسه، فرقد ثمّ استيقظ، فقال: قد رأيت هاتفاً يقول: أنتم تسيرون والمنايا تسير بكم إلى الجنّة.
فقال له ابنه عليّ: يا أبه، أفلسنا على الحقّ؟ فقال: بلى يا بني والذي إليه مرجع ۱۳۲
العباد. فقال له: يا أبه، إذن لا نبالي بالموت.
فقال له الحسين عليهالسلام: فجزاك اللّه يابنيّ خير ما جزي ولداً عن والده.
ثمّ بات عليهالسلام في الموضع، فلمّا أصبح، فإذا هو برجلٍ من أهل الكوفة يكنّى أبا هرّة الأزدي، فلمّا أتاه سلّم عليه، ثمّ قال: يابن رسول اللّه، ما الذي أخرجك من حرم اللّه وحرم جدّك رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ؟
فقال الحسين عليهالسلام: ويحك يا أبا هرّة! إنّ بني اُميّة أخذوا مالي فصبرت، وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، وأيم اللّه، لتقتلني الفئة الباغية وليلبسنّهم اللّه ذلاًّ شاملاً وسيفاً قاطعاً، وليسلطنّ اللّه عليهم من يذلّهم، حتّى يكونوا أذلّ من قوم سبأ؛ إذ ملكتهم امرأة منهم، فحكمت في أموالهم ودمائهم حتّى أذلّتهم.
ثمّ سار. وحدّث جماعة من بني فزارة وبجيلة، قالوا: كنّا مع زهير بن القين لمّا أقبلنا من مكّة، فكنّا نساير الحسين عليهالسلام، وما شيء أكره إلينا من مسايرته؛ لأنّ معه ۱۳۳
نسوانه، فكان إذا أراد النزول اعتزلناه، فنزلنا ناحية، فلمّا كان في بعض الأيّام نزل في مكان، فلم نجد بدّاً من أن ننازله فيه، فبينما نحن نتغدّى بطعام لنا إذا أقبل رسول الحسين عليهالسلام حتّى سلّم علينا، ثمّ قال: يا زهير بن القين، إنّ أبا عبداللّه صلىاللهعليهوآله بعثني إليك لتأتيه، فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى كأنّما على رؤوسنا الطير.
فقالت له زوجته ـ وهي ديلم بنت عمرو ـ: سبحان اللّه! أيبعث إليك ابن رسول اللّه ثمّ لا تأتيه؟! فلو أتيته فسمعت من كلامه.