بسم اللّه الرحمن الرحيم
أمّا بعد؛ فقد وصل إليَّ كتابك، وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له، من الأخذ بحظّي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك، وأنّ اللّه لم يخل الأرض من عاملٍ عليها بخير، ودليل على سبيل النجاة، وأنتم حجّة اللّه على خلقه ووديعته في أرضه، تفرّعتم من زيتونة أحمدية، هو أصلها وأنتم فرعها، فأقدم سعدت بأسعد طائر، فقد ذلّلت لك أعناق بني تميم وتركتهم أشدّ تتابعاًَ لك من الإبل الظماء يوم خمسها لورود الماء، وقد ذلّلت لك رقاب بني سعد وغسلت لك درن صدورها بماء سحابة مزن حتّى استهلّ برقها فلمع.
فلمّا قرأ الحسين عليهالسلام الكتاب قال: آمنك اللّه يوم الخوف وأعزك، وأرواك يوم العطش الأكبر.
فلمّا تجهّز المشار إليه للخروج إلى الحسين عليهالسلام بلغه قتله قبل أن يسير، فجزع من انقطاعه عنه.
وأمّا المنذر بن الجارود، فإنّه جاء بالكتاب والرسول إلى عبيداللّه بن زياد؛ لأنّ المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيساً من عبيداللّه بن زياد وكانت بحرية بنت ۱۱۴
المنذر زوجة لعبيداللّه فأخذ عبيداللّه الرسول فصلبه، ثمّ صعد المنبر، فخطب وتوعّد أهل البصرة على الخلاف وإثارة الإرجاف.
ثمّ بات تلك الليلة، فلمّا أصبح استناب عليهم أخاه عثمان بن زياد، وأسرع هو إلى قصد الكوفة.
فلمّا قاربها نزل حتّى أمسى، ثمّ دخلها ليلاً، فظنّ أهلها أنّه الحسين عليهالسلام، فتباشروا بقدومه ودنوا منه، فلمّا عرفوا أنّه ابن زياد تفرّقوا عنه، فدخل قصر الإمارة وبات ليلته إلى الغداة، ثمّ خرج وصعد المنبر وخطبهم، وتوعّدهم على معصية السلطان، ووعدهم مع الطاعة بالإحسان