فقال: ويحك يا مروان! إنّك أشرت عليَّ بذهاب ديني ودنياي، واللّه، ما اُحبّ أنّ ملك الدنيا بأسرها لي وأنّني قتلت حسيناً، واللّه، ما أظنّ أحداً يلقى اللّه بدم الحسين إلاّ وهو خفيف الميزان، لا ينظر اللّه إليه يوم القيامة ولا يزكّيه، وله عذابٌ أليمً.
قال: وأصبح الحسين عليهالسلام، فخرج من منزله يستمع الأخبار، فلقاه مروان، فقال: يا أبا عبداللّه، إنّي لك ناصحٌ فأطعني ترشد.
۹۹
فقال الحسين عليهالسلام: وما ذاك؟ قل حتّى أسمع. فقال مروان: إنّي آمرك ببيعة يزيد أمير المؤمنين، فإنّه خيرٌ لكفي دينك ودنياك!
فقال الحسين عليهالسلام: إِنَّا للّهِِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! وعلى الإسلام السلام، إذ قد بليت الاُمّة براعٍ مثل يزيد، ولقد سمعت جدّي رسول اللّه صلىاللهعليهوآله يقول: الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان. وطال الحديث بينه وبين مروان حتّى انصرف مروان وهو غضبان.
۱۰۱
فلمّا كان الغداة توجّه الحسين عليهالسلام إلى مكّة لثلاث مضين من شعبان سنة ستّين، فأقام بها باقي شعبان وشهر رمضان وشوّال وذي القعدة.
قال: وجاءه عبداللّه بن العبّاس وعبداللّه بن الزبير، فأشارا عليه بالإمساك.
فقال لهما: إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قد أمرني بأمرٍ، وأنا ماضٍ فيه.
قال: فخرج ابن عبّاس وهو يقول: واحسيناه!
۱۰۲
ثمّ جاءه عبداللّه بن عمر، فأشار عليه بصلح أهل الضلال وحذّره من القتل والقتال.
فقال له: يا أبا عبد الرحمن، أما علمت أنّ من هوان الدنيا على اللّه تعالى أنّ رأس يحيى بن زكريا اُهدي إلى بغيٍّ من بغايا بني إسرائيل؟! أما علمت أنّ بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيّاً، ثمّ يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئاً؟! فلم يعجّل اللّه عليهم، بل أمهلهم وأخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر، اتّق اللّه يا أبا عبدالرحمن ولا تَدَعَنَّ نصرتي.