فأحصهم عدداً، واقتلهم مدداً، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحداً، ولا تغفر لهم أبداً.
قال: ثمّ حمل عليهم كالليث المغضب، فجعل لا يلحق منهم أحداً إلاّ لفحه بسيفه لفحة ألحقه بالأرض، والسهام تقصده من كلّ ناحية وهو يتلقّاها بصدره ونحره، وهو يقول: يا اُمّة السوء! فبئس ما أخلفتم محمّداً في اُمّته وعترته، أما إنّكم لن تقتلوا بعدي عبداً من عباد اللّه فتأهبوا قتله، بل يهون عليكم عند قتلكم إيّاي، وأيم اللّه! إنّي لأرجو أن يكرمني اللّه بهوانكم، ثمّ ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون.
قال: فصاح به الحصين بن نمير السكوني، فقال: يا ابن فاطمة! وبماذا ينتقم لك منّا؟ قال: يلقي بأسكم بينكم ويسفك دماءكم، ثم يصبّ عليكم العذاب صبّاً.
قال: فصاح الشمر بن ذي الجوشن (لعنه اللّه) بأصحابه فقال: ما وقوفكم؟
و ماذا تنتظرون بالرجل وقد أوثقته السهام؟ احملوا عليه، ثكلتكم اُمّهاتكم!
قال: فحملوا عليه من كلّ جانب.
قال: وأوثقته الجراح بالسيوف، فضربه رجل يقال له: زرعة بن شريك التميمي (لعنه اللّه) ضربةً على يده اليسرى!!
و ضربه عمرو بن طلحة الجعفي (لعنه اللّه) على حبل عاتقه من ورائه ضربةً منكرة!!
و رماه سنان بن أنس النخعي (لعنه اللّه) بسهم، فوقع السهم في نحره!!
و طعنه صالح بن وهب اليزني (لعنه اللّه) طعنةً في خاصرته! فسقط الحسين رضىاللهعنه عن فرسه إلى الأرض، واستوى قاعداً ونزع السهم من نحره وأقرن كفّيه، فكلّما امتلأتتا من دمه خَضَّبَ به رأسه ولحيته وهو يقول: هكذا حتّى ألقى ربّي بدمي مغصوباً على حقّي!