فقالوا: نريد أن نمكّن منهم الأمير عبيد اللّه بن زياد فيرى رأيه فيهم.
فقال برير بن حضير: ولا تقبلون منهم إن رجعوا إلى المكان الذي أقبلوا منه يا أهل الكوفة؟ أنسيتم كتبكم إليه وعهودكم الذي أعطيتموها من أنفسكم؟ وأشهدتم اللّه عليها وكفى باللّه شهيداً، يا ويلكم! دعوتم أهل بيت نبيّكم وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتّى إذا أتوا عليكم أسلمتموهم إلى عبيد اللّه بن زياد وحِلتم بينهم وبين الماء الجاري، وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس، وترده الكلاب والخنازير؟! فبئس ما خلّفتم محمّداً صلىاللهعليهوسلم في ذرّيّته! ما لكم لا سقاكم اللّه يوم القيامة! ويلكم! هذا الحسن والحسين سيّدا أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين.
قال: وتقدّم عمر بن سعد حتّى وقف قبالة الحسين على فرس له، فاستخرج سهماً فوضعه في كبد القوس، ثمّ قال: أيّها الناس، اشهدوا لي عند الأمير عبيد اللّه بن زياد أنّي أوّل من رمى بسهم إلى عسكر الحسين بن عليّ!
۵ / ۹۹
قال: فوقع السهم بين يدي الحسين، فتنحّى عنه راجعاً إلى ورائه، وأقبلت السهام كأنّها المطر.
فقال الحسين لأصحابه: أيّها الناس، هذه رسل القوم إليكم، فقوموا إلى الموت الذي لابدّ منه.
ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم
قال: فوثب أصحاب الحسين فخرجوا من باب خندقهم، وهم يومئذ اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً، والقوم اثنان وعشرون ألفاً لا يزيدون ولا ينقصون، فحمل بعضهم على بعض فاقتتلوا ساعة من النهار حملة واحدة، حتّى قتل من أصحاب الحسين نيف وخمسون رجلاً رحمة اللّه عليهم.