قال: فالتفت عمر بن سعد إلى عبيد اللّه بن زياد فقال: أيّها الأمير، إنّه يقول كذا وكذا.
فقال ابن زياد: أمّا ما ذكرت يا ابن عقيل من أمر دَينِكَ فإنّما هو مالك يقضي به دينك، ولسنا نمنعك أن تصنع فيه ما أحببت، وأمّا جسدك إذا نحن قتلناك فالخيار في ذلك لنا، ولسنا نبالي ما صنع اللّه بجثتك، وأمّا الحسين، فإن لم يردنا لم نرده، وإن أرادنا لم نكفّ عنه، و لكنّي اُريد أن تخبرني يا ابن عقيل بما ذا أتيت إلى هذا البلد؟ شتّت أمرهم، وفرّقت كلمتهم، ورميت بعضهم على بعض!
فقال مسلم بن عقيل: لستُ لذلك أتيت هذا البلد، ولكنّكم أظهرتم المنكر، ودفنتم المعروف، و تأمّرتم على الناس من غير رضىً، وحملتموهم على غير ما ۵ / ۵۸
أمركم اللّه به، وعملتم فيهم بأعمال كسرى وقيصر، فأتيناهم لنأمر فيهم بالمعروف، وننهاهم عن المنكر، وندعوهم إلى حكم الكتاب والسنّة، وكنّا أهل ذلك، ولم تزل الخلافة لنا منذ قتل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ولا تزال الخلافة لنا فإنّا قهرنا عليها؛ لأنّكم أوّل من خرج على إمام هدى، وشقّ عصا المسلمين، وأخذ هذا الأمر غصباً، ونازع أهله بالظلم والعدوان، ولا نعلم لنا ولكم مثلاً إلاّ قول اللّه تبارك وتعالى: «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ»!۱
قال: فجعل ابن زياد يشتم عليّاً والحسن والحسين (رضي اللّه عنهم)، فقال له مسلم: أنت وأبوك أحقّ بالشتيمة منهم، فاقضِ ما أنت قاضٍ، فنحن أهل بيت موكّل بنا البلاء.
فقال عبيد اللّه بن زياد: الحقوا به إلى أعلى القصر فاضربوا عنقه وألحقوا رأسه جسده.