وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله، فإنّ السنّة قد اُميتت، وإنّ البدعة قد اُحييت، وأن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد، والسلام عليكم ورحمة اللّه.
فكلّ من قرأ ذلك الكتاب من أشراف الناس كتمه، غير المنذر بن الجارود، فإنّه ۵ / ۳۵۸
خشي بزعمه أن يكون دسيساً من قبل عبيد اللّه، فجاءه بالرسول من العشية التي يريد صبيحتها أن يسبق إلى الكوفة، واقرأه كتابه، فقدّم الرسول فضرب عنقه، وصعد عبيد اللّه منبر البصره، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال:
أمّا بعد؛ فو اللّه، ما تقرن بي الصعبة، ولا يُقعقَع لي بالشنآن، وإنّي لَنِكلٌ لمن عاداني، وسَمٌّ لمن حاربني، أنصفُ القارة مَن راماها يا أهل البصرة، إنّ أمير المؤمنين ولاّني الكوفة وأنا غاد إليها الغداة، وقد استخلفت عليكم عثمان بن زياد بن أبي سفيان، وإيّاكم والخلاف والإرجاف، فو الذي لا إله غيره، لئن بلغني عن رجل منكم خلاف لأقتلنّه وعريفه ووليّه، ولآخذنّ الأدنى بالأقصى حتّى تستمعوا لي، ولا يكون فيكم مخالف ولا مشاقّ، أنا ابن زياد، أشبهته من بين من وطئ الحصى، ولم ينتزعني شبه خال ولا ابن عمّ.
ثمّ خرج من البصرة واستخلف أخاه عثمان بن زياد، وأقبل إلى الكوفة ومعه مسلم بن عمرو الباهلي، وشريك بن الأعور الحارثي، وحشمه وأهل بيته، حتّى دخل الكوفة وعليه عمامة سوداء، وهو متلثّم والناس قد بلغهم إقبال حسين إليهم، فهم ينتظرون قدومه، فظنّوا حين قدم عبيد اللّه أنّه الحسين، فأخذ لا يمرّ على جماعة من الناس إلاّ سلّموا عليه، وقالوا: مرحباً بك يا بن رسول اللّه! قدمت خير مقدم، فرأى من تباشيرهم بالحسين عليهالسلام ما ساءه.