فقال معقل مولى عبيد اللّه بن زياد: ومسلم بن عقيل في دار هانئ؟ فقال: نعم، قال: فقال معقل: فقم بنا إليه حتّى ندفع إليه هذا المال واُبايعه.
قال: فأخذ مسلم بن عوسجة بيده فأدخله على مسلم بن عقيل فرحّب به مسلم وقرّبه وأدناه وأخذ بيعته، وأمر أن يقبض منه ما معه من المال. فأقام معقل مولى عبيد اللّه بن زياد في منزل هانئ يومه ذلك، حتّى إذا أمسى انصرف إلى عبيد اللّه بن زياد معجباً لما قد ورد عليه من الخبر.
ثمّ قال عبيد اللّه لمولاه: انظر إن تختلف إلى مسلم بن عقيل في كلّ يوم لئلاّ يستريبك وينتقل من منزل ابن۱ هانئ إلى مكان غيره، فأحتاج أن ألقى في طلبه عتباً.
قال: ثمّ دعا عبيد اللّه بن زياد محمّد بن الأشعث بن قيس وأسماء بن خارجة الفزاري وعمرو بن الحجّاج الزبيدي، فقال: خبّروني عنكم ما الذي يمنع هانئ بن عروة من المصير إلينا؟ فقالوا: إنّه مريض، فقال عبيد اللّه بن زياد: قد كان مريضاً غير أنّه قد برئ من علّته ويجلس على باب داره، فعليكم أن تصيروا إليه وتأمروه أن لا يدع ما يجب عليه من حقّنا، فإنّي لا اُحبّ أن أستفسر رجلاً مثله؛ لأنّي لم أزل له مكرّماً.
فقالوا: نفعل أصلح اللّه الأمير، نلقاه في ذلك ونأمره بما تحبّ.
قال: فبينا عبيد اللّه بن زياد من هؤاء القوم في محاورة إذ دخل عليه رجل من ۵ / ۴۵
أصحابه يقال له: عبداللّه بن يربوع التميمي، فقال: أصلح اللّه الأمير، ههنا خير، فقال له ابن زياد: وما ذاك؟ قال: كنت خارج الكوفة أجول على فرسي وأقلبه، إذ نظرت إلى رجل قد خرج من الكوفة مسرعاً يريد البادية، فأنكرته ثمّ لحقته وسألته عن حاله وأمره، فذكر أنّه من أهل المدينة، ثمّ نزلت عن فرسي ففتّشته فأصبت معه هذا الكتاب.