ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم فقوموا مع ابن عمّي وبايعوه وانصروه ولا تخذلوه، فلعمري! ليس الإمام العادل بالكتاب والعادل بالقسط كالذي يحكم بغير الحقّ ولا يهدي ولا يهتدي، جَمَعَنا اللّه وإيّاكم على الهدى وألزمنا وإيّاكم كلمة التقوى، إنّه لطيف لما يشاء، والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
قال: ثمّ طوى الكتاب وختمه ودعا مسلم بن عقيل رحمهالله فدفع إليه الكتاب وقال له: إنّي موجّهك إلى أهل الكوفة وهذه كتبهم إليَّ، وسيقضي اللّه من أمرك ما يحبّ ويرضى، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامضِ على بركة اللّه حتّى تدخل الكوفة، فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها، وادع الناس إلى طاعتي، واخذلهم عن آل أبي سفيان، فإن رأيت الناس مجتمعين على بيعتي فعجّل لي بالخبر حتّى أعمل على حسب ذلك إن شاء اللّه تعالى. ثمّ عانقه وودّعه وبكيا جميعاً.
۵ / ۳۲
ذكر خروج مسلم بن عقيل رضىاللهعنه نحو العراق
قال: فخرج مسلم بن عقيل من مكّة نحو المدينة مستخفياً؛ لئلاّ يعلم به أحد من بني اُميّة، فلمّا دخل المدينة بدأ بمسجد رسول اللّه صلىاللهعليهوسلم فصلّى فيه ركعتين، ثمّ أقبل في جوف الليل حتّى ودّع من أحبّ من أهل بيته، ثمّ إنّه استأجر دليلين من قيس عيلان يدلاّنه على الطريق و يصحبانه إلى الكوفة على غير الجادّة.
قال: فخرج به الدليلان من المدينة ليلاً وسارا، فغلطا الطريق وجارا عن القصد واشتدّ بهما العطش فماتا جميعاً عطشاً.