ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة
من عبداللّه يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة، أمّا بعد؛ فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة ثانياً على أهل المدينة بتوكيد منك عليهم، وذر عبداللّه بن الزبير فإنّه لن يفوتنا ولن ينجو منّا أبداً ما دام حيّاً، وليكن مع جوابك إليَّ رأس الحسين بن عليّ، فإن فعلت ذلك فقد جعلت لك أعنّة الخيل، ولك عندي الجائزة والحظّ الأوفر والنعمة واحدة، والسلام.
قال: فلمّا ورد الكتاب على الوليد بن عتبة وقرأه تعاظم ذلك، وقال: لا واللّه، لا يراني اللّه قاتل الحسين بن عليّ! وأنا [لا] أقتل ابن بنت رسول اللّه صلىاللهعليهوسلم ولو أعطاني يزيد الدنيا بحذافيرها.
قال: وخرج الحسين بن عليّ من منزله ذات ليلة وأتى إلى قبر جدّه صلىاللهعليهوسلم فقال:
السلام عليك يا رسول اللّه، أنا الحسين ابن فاطمة، أنا فرخك وابن فرختك وسبطك في الخلف الذي خلّفت على اُمّتك، فاشهد عليهم يا نبيّ اللّه أنّهم قد خذلوني وضيّعوني، وأنّهم لم يحفظوني، وهذا شكواي إليك حتّى ألقاك صلىاللهعليهوسلم، ثمّ وثب قائماً وصفّ قدميه ولم يزل راكعاً و ساجداً.
قال: وأرسل الوليد بن عتبة إلى منزل الحسين لينظر هل خرج من المدينة أم لا، فلم يصبه في منزله فقال: الحمد للّه الذي لم يطالبني اللّه عز و جل بدمه! وظنّ أنّه خرج من المدينة.
قال: ورجع الحسين إلى منزله مع الصبح، فلمّا كانت الليلة الثانية خرج إلى ۵ / ۱۹
القبر أيضاً فصلّى ركعتين، فلمّا فرغ من صلاته جعل يقول: اللّهمّ إنّ هذا قبر نبيّك محمّد وأنا ابن بنت محمّد وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، الّلهم وإنّي اُحبّ المعروف وأكره المنكر، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحقّ هذا القبر ومن فيه إلاّ۱ ما اخترت من أمري هذا ما هو لك رضى.