قال: ثمّ كتب إليه في صحيفة صغيرة كأنّها اُذن فأرة:
أمّا بعد؛ فخذ الحسين بن عليّ وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبداللّه بن الزبير وعبداللّه بن عمر بن الخطّاب أخذاً عنيفاً ليست فيه رخصة، فمن أبى عليك منهم فاضرب عنقه وابعث إليَّ برأسه.
قال: فلمّا ورد كتاب يزيد على الوليد بن عتبة وقرأه، قال: إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! يا ويح الوليد بن عتبة! مَن أدخله في هذه الإمارة؟ ما لي وللحسين ابن فاطمة؟! قال: ثمّ بعث إلى مروان بن الحكم فأراه الكتاب فقرأه واسترجع، ثمّ قال: يرحم اللّه أمير المؤمنين معاوية.
فقال الوليد: أشر عليّ برأيك في هؤاء القوم، كيف ترى أن أصنع؟
فقال مروان: ابعث إليهم في هذه الساعة، فتدعوهم إلى البيعة والدخول في طاعة يزيد، فإن فعلوا قبلت ذلكمنهم، وإن أبوا قدّمهم واضرب أعناقهم قبل أن يدروا بموت بمعاوية؛ فإنّهم إن علموا ذلك وثب كلّ رجل منهم، فأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه، فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به، وما لا يقوم له إلاّعبداللّه بن عمر، فإنّي لا أراه ينازع في هذا الأمر أحداً إلاّ أن تأتيه الخلافة فيأخذها عفواً، فذر عنك ابن عمر وابعث إلى الحسين بن عليّ وعبد الرحمن بن ۵ / ۱۱
أبي بكر وعبداللّه بن الزبير، فادعهم إلى البيعة، مع أنّي أعلم أنّ الحسين بن عليّ خاصّة لا يجيبك إلى بيعة يزيد أبداً، ولا يرى له عليه طاعة، وو اللّه، أن لو كنت في موضعك لم اُراجع الحسين بكلمة واحدة حتّى أضرب رقبته كائناً في ذلك ما كان.
قال: فأطرق الوليد بن عتبة إلى الأرض ساعة، ثمّ رفع رأسه وقال: يا ليتَ الوليد لم يولد ولم يكن شيئاً مذكوراً!