أمّا بعد؛ فقد اخضرّ الجناب، وأينعت الثمار، وطمت الجمام، فإذا شئت فاقدم على جند لك مجنّد، والسلام عليك.
وتلاقت الرسل كلّها عنده، فقرأ الكتب، وسأل الرسل عن أمر الناس، ثمّ كتب مع هانئ بن هانئ السبيعي وسعيد بن عبداللّه الحنفي، وكانا آخر الرسل:
بسم اللّه الرحمن الرحيم
من حسين بن عليّ، إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين، أمّا بعد؛ فإنّ هانئاً وسعيداً قدما عليَّ بكتبكم، وكانا آخر من قدم عليَّ من رسلكم، وقد فهمت كلّ الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلّكم: إنّه ليس علينا إمام، فاقبل لعلّ اللّه أن يجمعنا بك على الهدى والحقّ، وقد بعثت إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي، وأمرته أن يكتب إليَّ بحالكم وأمركم ورأيكم، فإن كتب إليَّ أنّه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت عليَّ به رسلكم وقرأت في كتبكم، أقدم عليكم وشيكاً إن شاء اللّه، فلعمري، ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والدائن بالحقّ، والحابس نفسه على ذات اللّه، والسلام.
قال أبو مخنف: وذكر أبو المخارق الراسبي، قال: اجتمع ناس من الشيعة بالبصرة في منزل امرأة من عبد القيس يقال لها: مارية ابنة سعد ـ أو منقذ ـ أيّاماً، وكانت تَشَيَّع، وكان منزلها لهم مألفاً يتحدّثون فيه، وقد بلغ ابن زياد إقبال الحسين، فكتب إلى عامله بالبصرة أن يضع المناظر ويأخذ بالطريق.
۵ / ۳۵۴
قال: فأجمع يزيد بن نبيط الخروج ـ وهو من عبد القيس ـ إلى الحسين، وكان له بنون عشرة، فقال: أيّكم يخرج معي؟ فانتدب معه ابنان له: عبداللّه وعبيد اللّه، فقال لأصحابه في بيت تلك المرأة: إنّي قد أزمعت على الخروج، وأنا خارج، فقالوا له: إنّا نخاف عليك أصحاب ابن زياد، فقال: إنّي واللّه، لو قد استوت أخفافهما بالجدد لهان عليَّ طلب من طلبني.