قدموا بها على ابن زياد.
وأقام بقيّة يومه واليوم الثاني إلى زوال الشمس، ثمّ نادى في الناس بالرحيل وتوجّه إلى الكوفة ومعه بنات الحسين وأخواته، ومن كان معه من النساء والصبيان، وعليّ بن الحسين فيهم، وهو مريض بالذرب۱ وقد أشفى.۲
ولمّا رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية إلى الحسين وأصحابه (رحمة اللّه عليهم) فصلّوا عليهم، ودفنوا الحسين عليهالسلام حيث قبره الآن، ودفنوا ابنه عليّ بن الحسين الأصغر عند رجليه، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صرعوا حوله ممّا يلي رجلي الحسين عليهالسلام، وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً، ودفنوا العبّاس بن عليّ عليهماالسلام في موضعه الذي قتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن.
ولمّا وصل رأس الحسين عليهالسلام ووصل ابن سعد (لعنه اللّه) من غد يوم وصوله ومعه بنات الحسين وأهله، جلس ابن زياد للناس في قصر الإمارة وأذن للناس إذناً عامّاً، وأمر بإحضار الرأس فوضع بين يديه، فجعل ينظر إليه ويتبسّم، وفي يده قضيب يضرب به ثناياه، وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ـ وهو شيخ كبير ـ فلمّا رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال له: ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين، ۲ / ۱۱۵
فواللّه الذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رسول اللّه صلىاللهعليهوآله عليهما ما لا أحصيه كثرة تقبّلهما، ثمّ انتحب باكياً.
فقال له ابن زياد: أبكى اللّهُ عينيكَ، أتبكي لفتح اللّه؟! واللّه، لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك، فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وصار إلى منزله.