فتقدّم ابنه عليّ بن الحسين عليهالسلام ـ واُمّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي ـ وكان من أصبح الناس وجهاً، وله يومئذ بضع عشرة سنة، فشدّ على الناس، وهو يقول:
أنا عليُّ بن الحسينِ بن عليّ
نَحنُ وبيتِ اللّهِ أولى بالنبيّ
تاللّهِ لا يَحكُم فينا ابنُ الدعي
أضرِبُ بالسيفِ اُحامي عن أبي
ضَرْبَ غلامٍ هاشميّ قرشيّ
ففعل ذلك مراراً وأهل الكوفة يتّقون قتله، فبصر به مرّة بن منقذ العبدي فقال: عليَّ آثام العرب إن مرّ بي يفعل مثل ذلك إن لم أثكله أباه، فمرّ يشتدّ على الناس كما مرّ في الأوّل، فاعترضه مرّة بن منقذ فطعنه فصرع، واحتواه القوم فقطّعوه بأسيافهم، فجاء الحسين عليهالسلام حتّى وقف عليه فقال: قَتَلَ اللّهُ قوماً قَتَلوكَ يا بنيّ، ما أجرأهم على الرحمان وعلى انتهاك حرمة الرسول! وانهملت عيناه بالدموع، ثمّ قال: على الدنيا بعدك العفاء!!
۲ / ۱۰۷
وخرجت زينب اُخت الحسين مسرعة تنادي: يا اُخياه وابن اُخياه! وجاءت حتّى أكبّت عليه، فأخذ الحسين برأسها فردّها إلى الفسطاط، وأمر فتيانه فقال: احملوا أخاكم، فحملوه حتّى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.
ثمّ رمى رجل من أصحاب عمر بن سعد يقال له: عمرو بن صبيح عبداللّه بن مسلم بن عقيل رحمهالله بسهم، فوضع عبداللّه يده على جبهته يتّقيه، فأصاب السهم كفّه ونفذ إلى جبهته فَسَمَرَها به، فلم يستطع تحريكها، ثمّ انتحى عليه آخر برمحه فطعنه في قلبه فقتله.
وحمل عبداللّه بن قطبة الطائي على عون بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب رضىاللهعنه فَقَتَلَه. وحمل عامر بن نهشل التيمي على محمّد بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب رضىاللهعنهفَقَتَله.