فأقبل حتّى نزل مكّة، فأقبل أهلها يختلفون إليه ويأتونه، ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق، وابن الزبير بها قد لزم الكعبة، فهو قائم يصلّي عندها عامّة النهار ويطوف، ويأتي حسيناً فيمن يأتيه، فيأتيه اليومين المتواليين، ويأتيه بين كلّ يومين مرّة، ولا يزال يشير عليه بالرأي، وهو أثقل خلق اللّه على ابن الزبير، قد عرف أنّ أهل الحجاز لا يبايعونه ولا يتابعونه أبداً ما دام حسين بالبلد، وأنّ حسيناً أعظم في أعينهم وأنفسهم منه، وأطوع في الناس منه.
فلمّا بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية أرجف أهل العراق بيزيد، وقالوا: قد امتنع ۵ / ۳۵۲
حسين وابن الزبير، ولحقا بمكّة، فكتب أهل الكوفة إلى حسين، وعليهم النعمان بن بشير.
قال ابو مخنف: فحدّثني الحجّاج بن عليّ، عن محمّد بن بشر الهمداني، قال: اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد، فذكرنا هلاك معاوية، فحمدنا اللّه عليه، فقال لنا سليمان بن صرد: إنّ معاوية قد هلك، وإنّ حسيناً قد تقبّض على القوم ببيعته، وقد خرج إلى مكّة، وأنتم شيعته وشيعة أبيه، فإن كنتم تعلمون أنّكم ناصروه ومجاهدو عدوّه فاكتبوا إليه، وإن خفتم الوهل۱ والفشل فلا تغرّوا الرجل من نفسه.
قالوا: لا، بل نقاتل عدوّه ونقتل أنفسنا دونه، قال: فاكتبوا إليه، فكتبوا إليه:
بسم اللّه الرحمن الرحيم
لحسين بن عليّ، من سليمان بن صرد، والمسيّب بن نجبة، ورفاعة بن شدّاد، وحبيب بن مظاهر، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة: