وقال له العبّاس بن عليّ (رحمة اللّه عليه): يا أخي أتاك القوم، فنهض ثمّ قال: يا عبّاس، اركب ـ بنفسي أنت يا أخي ـ حتّى تلقاهم وتقول لهم: ما لكم وما بدا لكم؟ وتسألهم عمّا جاء بهم.
فأتاهم العبّاس في نحو من عشرين فارساً، منهم: زهير بن القين وحبيب بن مظاهر، فقال لهم العبّاس: ما بدا لكم وما تريدون؟ قالوا: جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم، قال: فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبداللّه فأعرض عليه ما ذكرتم، فوقفوا وقالوا: القه فأعلمه، ثمّ القنا بما يقول لك.
فانصرف العبّاس راجعاً يركض إلى الحسين عليهالسلام يخبره الخبر، ووقف أصحابه يخاطبون القوم ويعظونهم، ويكفّونهم عن قتال الحسين، فجاء العبّاس إلى الحسين عليهالسلام فأخبره بما قال القوم، فقال: ارجع إليهم، فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى ۲ / ۹۱
الغدوة وتدفعهم عنّا العشيّة، لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي قد اُحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه والدعاء والاستغفار.
فمضى العبّاس إلى القوم ورجع من عندهم ومعه رسول من قبل عمر بن سعد يقول: إنّا قد أجّلناكم إلى غد، فإن استسلمتم سرّحناكم إلى أميرنا عبيد اللّه بن زياد، وإن أبيتم فلسنا تاركيكم، وانصرف.
فجمع الحسين عليهالسلام أصحابه عند قرب المساء، قال عليّ بن الحسين زين العابدين عليهالسلام: فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم، وأنا إذ ذاك مريض، فسمعت أبي يقول لأصحابه:
أثني على اللّه أحسن الثناء، وأحمده على السرّاء والضراء، الّلهمّ إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة، وعلّمتنا القرآن، وفقّهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، فاجعلنا من الشاكرين.