الحسين عليهالسلام حتّى سلّم، ثمّ دخل، فقال: يا زهير بن القين، إنّ أبا عبداللّه الحسين بعثني إليك لتأتيه.
فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى كأنّ على رؤوسنا الطير.
فقالت له امرأته: سبحان اللّه! أَيَبعَثُ إليك ابن رسول اللّه ثمّ لا تأتيه؟! لو أتيته فسمعت من كلامه، ثمّ انصرفت.
فأتاه زهير بن القين، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه وثقله ورحله ومتاعه فقوّض وحمل إلى الحسين عليهالسلام، ثمّ قال لامرأته: أنتِ طالق، الحقي بأهلك، فإنّي لا اُحبّ أن يصيبك بسببي إلاّ خير.
ثمّ قال لأصحابه: من أحبّ منكم أن يتبعني، وإلاّ فهو آخر العهد، إنّي ساُحدّثكم حديثاً: إنّا غزونا البحر، ففتح اللّه علينا وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الفارسي رضىاللهعنه: أفرحتم بما فتح اللّه عليكم، وأصبتم من الغنائم؟ فقلنا: نعم، فقال: إذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم ممّا أصبتم اليوم من الغنائم. فأما أنا فأستودعكم اللّه. قالوا: ثمّ واللّه، ما زال في القوم مع الحسين عليهالسلام حتّى قُتِلَ رحمة اللّه عليه.
وروى عبداللّه بن سليمان والمنذر بن المشمعل الأسديّان، قالا: لمّا قضينا حجّنا لم تكن لنا همّة إلاّ اللحاق بالحسين عليهالسلام في الطريق، لننظر ما يكون من أمره، فأقبلنا ۲ / ۷۴
ترقل بنا نياقنا مسرعين حتّى لحقنا بزرود، فلمّا دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين عليهالسلام، فوقف الحسين كأنّه يريده، ثمّ تركه ومضى، ومضينا نحوه، فقال أحدنا لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا لنسأله فإنّ عنده خبر الكوفة، فمضينا حتّى انتهينا إليه فقلنا: السلام عليك، فقال: وعليكم السلام، قلنا: ممّن الرجل؟ قال: أسديّ، قلت: ونحن أسديّان، فمن أنت؟ قال: أنا بكر بن فلان، وانتسبنا له ثمّ قلنا له: أخبرنا عن الناس وراءك، قال: نعم، لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، ورأيتهما يجرّان بأرجلهما في السوق.