فصل
وروي: أنّه وقع إلى الأرض مكتوفاً فتكسّرت عظامه وبقي به رمق، فجاء رجل يقال له: عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه، فقيل له في ذلك وعيب عليه، فقال: أردت أن اُريحه.
ثمّ أقبل الحسين عليهالسلام من الحاجر يسير نحو الكوفة، فانتهى إلى ماء من مياه العرب، فإذا عليه عبداللّه بن مطيع العدوي وهو نازل به، فلمّا رأى الحسين عليهالسلام قام ۲ / ۷۲
إليه فقال: بأبي أنت واُمّي يا ابن رسول اللّه، ما أقدمك؟ واحتمله وأنزله.
فقال له الحسين عليهالسلام: كان من موت معاوية ما قد بلغك، فكتب إليَّ أهل العراق يدعونني إلى أنفسهم.
فقال له عبداللّه بن مطيع: اُذكّرك اللّه يا بن رسول اللّه وحرمة الإسلام أن تنتهك، أنشدك اللّه في حرمة قريش، أنشدك اللّه في حرمة العرب، فواللّه، لئن طلبت ما في أيدي بني اُميّة ليقتلنّك، ولئن قتلوك لا يهابوا بعدك أحداً أبداً، واللّه، إنّها لحرمة الإسلام تنتهك، وحرمة قريش وحرمة العرب، فلا تفعل، ولا تأتِ الكوفة، ولا تعرّض نفسك لبني اُميّة.
فأبى الحسين عليهالسلام إلاّ أن يمضي.
وكان عبيد اللّه بن زياد أمر فأخذ ما بين واقصة إلى طريق الشام إلى طريق البصرة، فلا يدعونّ أحداً يلج ولا أحداً يخرج، وأقبل الحسين عليهالسلام لا يشعر بشيء حتّى لقي الأعراب فسألهم، فقالوا: لا واللّه، ما ندري، غير إنّا لا نستطيع أن نلج أو نخرج. فسار تلقاء وجهه عليهالسلام.
وحدّث جماعة من فزارة ومن بجيلة قالوا: كنّا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكّة، فكنّا نساير الحسين عليهالسلام، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن ننازله في منزل، فإذا سار الحسين عليهالسلام ونزل منزلاً لم نجد بدّاً من أن ننازله، فنزل الحسين في جانب ونزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغذّى من طعام لنا إذ أقبل رسول ۲ / ۷۳