قال: فأخرج سرجون عهد عبيد اللّه بن زياد على الكوفة وقال: هذا رأي معاوية، مات وقد أمر بهذا الكتاب، فضمّ المصرين إلى عبيد اللّه بن زياد، فقال له يزيد: أفعل، ابعث بعهد عبيد اللّه إليه.
ثمّ دعا مسلم بن عمرو الباهلي وكتب إلى عبيد اللّه بن زياد معه:
۲ / ۴۳
أمّا بعد: فإنّه كتب إليَّ شيعتي من أهل الكوفة، يخبروني أنّ ابن عقيل بها يجمع الجموع ويشقّ عصا المسلمين، فَسِرْ حين تقرأ كتابي هذا حتّى تأتي الكوفة، فتطلب ابن عقيل طلب الخرزة حتّى تثقفه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه، والسلام. وسلّم إليه عهده على الكوفة.
فسار مسلم بن عمرو حتّى قدم على عبيد اللّه بالبصرة، فأوصل إليه العهد والكتاب، فأمر عبيد اللّه بالجهاز من وقته، والمسير والتهيّؤإلى الكوفة من الغد، ثمّ خرج من البصرة واستخلف أخاه عثمان، وأقبل إلى الكوفة ومعه مسلم بن عمرو الباهلي وشريك بن أعور الحارثي وحشمه وأهل بيته، حتّى دخل الكوفة وعليه عمامة سوداء وهو متلثّم، والناس قد بلغهم إقبال الحسين عليهالسلام إليهم، فهم ينتظرون قدومه، فظنّوا حين رأوا عبيد اللّه أنّه الحسين، فأخذ لا يمرّ على جماعة من الناس إلاّ سلّموا عليه وقالوا: مرحباً بابن رسول اللّه، قدمت خير مقدم، فرأى من تباشرهم بالحسين ما ساءه.
فقال مسلم بن عمرو لما أكثروا: تأخّروا، هذا الأمير عبيد اللّه بن زياد، وسار حتّى وافى القصر في الليل، ومعه جماعة قد التفّوا به لا يشكّون أنّه الحسين عليهالسلام، فأغلق النعمان بن بشير عليه وعلى حامّته۱، فناداه بعض من كان معه ليفتح لهم الباب، فاطّلع إليه النعمان وهو يظنّه الحسين، فقال: أنشدك اللّه إلاّ تَنَحَّيتَ، واللّه، ما أنا مسلّم إليك أمانتي، وما لي في قتالك من أَرَبٍ، فجعل لا يكلّمه، ثمّ إنّه دنا وتدلّى ۲ / ۴۴