فقال الحسين عليهالسلام: فتصبح وترى رأيك في ذلك.
فقال له الوليد: انصرف على اسم اللّه حتّى تأتينا مع جماعة الناس.
فقال له مروان: واللّه، لئن فارقك الحسين الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتّى يكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتّى يبايع أو تضرب عنقه.
فوثب عند ذلك الحسين عليهالسلام وقال: أنت ـ يا ابن الزرقاء ـ تقتلني أو هو؟! كذبت واللّه وأثمت. وخرج يمشي ومعه مواليه حتّى أتى منزله.
فقال مروان للوليد: عصيتني! لا واللّه، لا يمكّنك مثلها من نفسه أبداً.
فقال الوليد: الويح لغيرك يا مروان! إنّك اخترت لي التي فيها هلاك ديني، واللّه، ما اُحبّ أنّ لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وأنّي قتلت ۲ / ۳۴
حسيناً، سبحان اللّه! أقتل حسيناً أن قال: لا اُبايع؟! واللّه، إنّي لأظنّ أنّ امرءاً يحاسب بدم الحسين خفيف الميزان عند اللّه يوم القيامة.
فقال له مروان: فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت. يقول هذا وهو غير الحامد له في رأيه.
فأقام الحسين عليهالسلام في منزله تلك الليلة، وهي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ستّين.
واشتغل الوليد بن عتبة بمراسلة ابن الزبير في البيعة ليزيد وامتناعه عليه. وخرج ابن الزبير من ليلته عن المدينة متوجّهاً إلى مكّة، فلمّا أصبح الوليد سرّح في أثره الرجال، فبعث راكباً من موالي بني اُميّة في ثمانين راكباً، فطلبوه فلم يدركوه فرجعوا.
فلمّا كان آخر نهار يوم السبت بعث الرجال إلى الحسين بن عليّ عليهماالسلام ليحضر فيبايع الوليد ليزيد بن معاوية، فقال لهم الحسين: أصبحوا ثمّ ترون ونرى. فكفّوا تلك الليلة عنه ولم يلحّوا عليه، فخرج عليهالسلام من تحت ليلته ـ وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب ـ متوجّهاً نحو مكّة ومعه بنوه وإخوته وبنو أخيه وجلّ أهل بيته إلاّ محمّد بن الحنفية (رضوان اللّه عليه) فإنّه لمّا علم عزمه على الخروج عن المدينة لم يدرِ أين يتوجّه، فقال له: