ثمّ قال: أ تدرون من أين اُتي هذا؟ قال: أبي عليٌّ خيرٌ من أبيه، واُمّي فاطمة خير ۵ / ۴۶۴
من اُمّه، وجدّي رسول اللّه خير من جدّه، وأنا خير منه وأحقّ بهذا الأمر منه؛ فأمّا قوله: أبوه خير من أبي، فقد حاجّ أبي أباه، وعلم الناس أيّهما حكم له، وأمّا قوله: اُمّي خير من اُمّه، فلعمري فاطمة ابنه رسول اللّه صلىاللهعليهوآله خير من اُمّي، وأمّا قوله: جدّي خير من جدّه، فلعمري ما أحد يؤمن باللّه واليوم الآخر يرى لرسول اللّه فينا عِدلاً ولا ندّاً، ولكنّه إنّما اُتي من قبل فقهه، ولم يقرا: «قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»۱.
ثمّ اُدخل نساء الحسين على يزيد، فصاح نساء آل يزيد وبنات معاوية وأهله وولولن. ثمّ إنّهنّ اُدخلن على يزيد، فقالت فاطمة بنت الحسين ـ وكانت أكبر من سكينة: أبنات رسول اللّه سبايا يا يزيد؟!
فقال يزيد: يا ابنة أخي، أنا لهذا كنت أكره.
قالت: واللّه، ما ترك لنا خرص، قال: يا ابنة أخي ما آت إليك أعظم ممّا اُخذ منك.
ثمّ اُخرجن فاُدخلن دار يزيد بن معاوية، فلم تبقَ امرأة من آل يزيد إلاّ أتتهنّ، وأقمن الماتم، و أرسل يزيد إلى كلّ امرأة: ما ذا اُخذ لك؟ وليس منهنّ امرأة تدعي شيئاً بالغاً ما بلغ إلاّ قد أضعفه لها، فكانت سكينة تقول: ما رأيت رجلاً كافراً باللّه خيراً من يزيد بن معاوية! ثمّ اُدخل الاُسارى إليه وفيهم عليّ بن الحسين، فقال له يزيد:
اِيه يا عليّ! فقال عليّ: «مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَ لاَ فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا ءَاتَاكُمْ وَ اللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ»۲ فقال يزيد: «وَ مَا أَصَبَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَن كَثِيرٍ»۳، ثمّ جهّزه وأعطاه مالاً، وسرّحه إلى المدينة.