حدّثني خالد بن الياس، عن أبي بكر بن عبداللّه بن أبي الجهم، قال: لمّا قدم عمرو بن سعيد المدينة والياً، قدم في ذي القعدة سنة ستّين، فولّى عمرو بن الزبير شرطته، وقال: قد أقسم أمير المؤمنين إلاّ يقبل بيعة ابن الزبير إلاّ أن يؤتى به في جامعة، فليبرّ يمين أمير المؤمنين، فإنّي أجعل جامعة خفيفة من ورق أو ذهب، ويلبس عليها برنساً، ولا تُرى إلاّ أن يسمع صوتها، وقال:
خذها فَلَيست لِلعزيز بخُطَّة
و فيها مقالٌ لامريءٍ مُتَذلِّل
أ عامِرُ إن القومَ ساموكَ خُطَّةً
و مالكَ في الجيران عذلُ مُعَذِّل
قال محمّد: وحدّثني رياح بن مسلم، عن أبيه، قال: بعث إلى عبداللّه بن الزبير عمرو بن سعيد، فقال له أبو شريح: لا تغزُ مكّة؛ فإنّي سمعت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله يقول: إنّما أذن اللّه لي في القتال بمكّة ساعة من نهار، ثمّ عادت كحرمتها.
فأبى عمرو أن يسمع قوله، وقال: نحن أعلم بحرمتها منك أيّها الشيخ، فبعث عمرو جيشاً مع عمرو ومعه أنيس بن عمرو الأسلمي، وزيد غلام محمّد بن عبداللّه بن الحارث بن هشام، وكانوا نحو ألفين، فقاتلهم أهل مكّة، فَقُتِلَ أنيس بن عمرو والمهاجر مولى القلمس في ناس كثير، وهزم جيش عمرو، فجاء عبيدة بن الزبير، فقال لأخيه عمرو: أنت في ذمّتي، وأنا لك جار، فانطلق به إلى عبداللّه، فدخل على ابن الزبير فقال: ما هذا الدم الذي في وجهك يا خبيث؟ فقال عمرو:
لَسنا على الأعقابِ تُدمى كُلومُنا
و لكن على أقدامِنا تَقطُرُ الدّما
فحبسه وأخفر۱ عبيدة، وقال: أمرتك أن تجير هذا الفاسق المستحلّ لحرمات ۵ / ۳۴۷
اللّه؟! ثمّ أقاد عمراً من كلّ من ضربة إلاّ المنذر وابنه، فإنّهما أبيا أن يستقيدا، ومات تحت السياط.