واللّه، ما معنا شيء نصله به إلاّ حليّنا، قالت لها: فنعطيه حليّنا، قالت: فأخذت سواري ودملجي وأخذت اُختي سوارها ودملجها، فبعثنا بذلك إليه، واعتذرنا إليه، وقلنا له: هذا جزاؤ بصحبتك إيّانا بالحسن من الفعل، قال: فقال: لو كان الذي صنعت إنّما هو للدنيا كان في حليكنّ ما يرضيني ودونه، ولكن واللّه ما فعلته إلاّ للّه، ولقرابتكم من رسول اللّه صلىاللهعليهوآله.
قال هشام: وأمّا عوانة بن الحكم الكلبي فإنّه قال: لمّا قتل الحسين وجيء بالأثقال والاُسارى حتّى وردوا بهم الكوفة إلى عبيد اللّه، فبينا القوم محتبسون إذ وقع حجر في السجن، معه كتاب مربوط، وفي الكتاب خرج البريد بأمركم في يوم كذا وكذا إلى يزيد بن معاوية، وهو سائر كذا وكذا يوماً، وراجع في كذا وكذا، فإن سمعتم التكبير فأيقنوا بالقتل، وإن لم تسمعوا تكبيراً فهو الأمان إن شاء اللّه، قال: فلمّا كان قبل قدوم البريد بيومين أو ثلاثة إذا حجر قد اُلقي في السجن، ومعه كتاب مربوط وموسى، وفي الكتاب: أوصوا واعهدوا، فإنّما ينتظر البريد يوم كذا وكذا فجاء، البريد ولم يسمع التكبير، وجاء كتاب بأن سرّح الاُسارى إليَّ.
قال: فدعا عبيد اللّه بن زياد محفز بن ثعلبة وشمر بن ذي الجوشن، فقال: انطلقوا بالثقل والرأس إلى أمير المؤمنين يزيد بن معاوية، قال: فخرجوا حتّى قدموا على يزيد، فقام محفز بن ثعلبة فنادى بأعلى صوته: جئنا برأس أحمق الناس وألأمهم!!
فقال يزيد: ما ولدت اُمّ محفز ألأم وأحمق، ولكنّه قاطع ظالم، قال: فلمّا نظر يزيد إلى رأس الحسين، قال:
يفلِّقنَ هاماً مِن رِجالٍ أعزّة
عَلَينا وهُم كانوا أعقَّ وأظلَما