قال أبو مخنف: ثمّ إنّ عبيد اللّه بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة، فجعل يدار به في الكوفة، ثمّ دعا زحر بن قيس فسرّح معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية، وكان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزدي وطارق بن أبي ظبيان الأزدي، فخرجوا حتّى قدموا بها الشام على يزيد بن معاوية.
قال هشام: فحدّثني عبداللّه بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي، عن أبيه، عن الغاز بن ربيعة الجرشي، من حمير، قال: واللّه، أنا لعند يزيد بن معاوية بدمشق إذ أقبل زحر بن قيس حتّى دخل على يزيد بن معاوية، فقال له يزيد: ويلك! ما وراءك؟ وما عندك؟
فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح اللّه ونصره، ورد علينا الحسين بن عليّ في ثمانية عشر من أهل بيته وستّين من شيعته، فسرنا إليهم، فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد اللّه بن زياد أو القتال، فاختاروا القتال على الاستسلام، فعدونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطنا بهم من كلّ ناحية، حتّى إذا أخذت السيوف مأخذها من هام القوم، يهربون إلى غير وزر، ويلوذون منّا بالآكام والحفر لواذاً كما لاذَ الحمائم من صقر، فو اللّه يا أمير المؤمنين، ما كان إلاّ جزر ۵ / ۴۶۰
جزور أو نومة قائل حتّى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجرّدة، وثيابهم مرمّلة، وخدودهم معفّرة، تصهرهم الشمس، وتسفي عليهم الريح، زوّارهم العقبان والرخم بِقَيّ سبسب.۱
قال: فدمعت عين يزيد، وقال: قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن اللّه ابن سميّة! أما واللّه، لو أني صاحبه لعفوت عنه، فرحم اللّه الحسين! ولم يصله بشيء.